صنائع لا يضر. ولم يدر أن في ذلك اعتداء على حقوق الواقفين وإن أتى بالخير العميم في تعليم الأيتام القراءة والكتابة ، وبعض الصنائع الحيوية لئلا يكونوا عالة على المجتمع ، بل يعودون عناصر فعّالة ونافعة. ولماذا لا تقوم الحكومة بمؤسسة جديدة؟ وهل عجزت عن ذلك؟
تكونت مدرسة الصنائع ممن لا معيل لهم أو ممن لا يتمكن أحد من القيام بأمر تربيتهم ، وهم من أيتام المسلمين. والآمال مصروفة إلى توسيع هذه المؤسسة باستخدام مثل هؤلاء للمعامل ، وللمطبعة كمرتبين ، ولا يترك شأن تعليمهم ، فكانت من خير الأعمال لو رأت حسن رعاية وعناية (١). وكانت مؤسسة من مال الحكومة أو من التبرعات. فلا يبرر الغصب الغاية الخيرية.
استهدفت الحكومة أمر العناية بفقراء المسلمين وتعليمهم الصناعة ، فاتخذت (المدرسة العلية) موطنا لهم ..
وهذه المدرسة وقفها علي باشا الأول من وزراء المماليك من ماله ، وهي على دجلة في أحسن موقع. تأسست سنة ١١٧٦ ه ، وكان قد كتب على جدرانها :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ...) [آل عمران : ١٠٤] اه.
أوضحنا عنها في كتاب المعاهد الخيرية واحتمل أنها لعلي باشا الكتخدا كان غير صواب. بقيت (مدرسة صنائع) أيام مدحت باشا ودامت إلى احتلال بغداد سنة ١٣٣٥ ه ـ ١٩١٧ م.
في أوائل سنة ١٢٨٧ ه تم افتتاح مدرسة الصنائع وجرى توزيع الطلاب فيها إلى صنوف الحدادة ، والنسج ، وعمل الأحذية .. وبلغوا
__________________
(١) الزوراء عدد ٤ في ٢٦ ربيع الأول سنة ١٢٨٦.