الخط الديواني. أكمل تحصيله ، فتقلد مناصب عديدة ، ونال الوزارة ، وعهدت إليه بعض الإيالات. ثم نال منصب شورى الدولة.
وبعد شورى الدولة ولي (منصب بغداد) فخلف تقي الدين باشا. ويهمنا تاريخ حياته في بغداد ومن أراد التوسع في إدراك عظمة الرجل في أعماله كلها فليرجع إلى ما كتبه مدحت باشا نفسه من الكتب (١) وهو ما نشره ابنه علي حيدر بك وما كتب عنه في مؤلفات عديدة. ففي بغداد أبدى قدرة وانتباها. وعرف الإدارات السابقة للولاة الماضين فاستعرضها في خطابه ، وأبدى أنه لا يستطيع القيام بكل ما يراد بل ببعض ما يتيسر له وقد فعل. وعمل المرء في هذه الحياة مما ينفع قليل. وهذا يذكر فاعله.
إن الرجل لم يكن واضع قانون ، وجلّ همّه تنفيذ قوانين الدولة. فكان توجيهه مرضيا. وقد وفق لما تطلبته المصلحة وأمكن عمله. فإذا كان لم يأت بشيء جديد فإنه وجّه ، وعمل ، واستخدم المواهب وأشرك في مهماته ، وحاسب على الإهمال والتراخي ، وتغلّب على الأهواء والتيارات المتعارضة ، فأخذ بناصيتها وعمل بما لم يسبق إليه.
وهذا ما رفع مكانته بين الوزراء ، وعلا به على غيره ، وذاع ذكره. ووقائع القطر ظواهر ذلك في معرفة حياته وكذا في الأقطار الأخرى التي حلّ فيها ، والمهمات التي قام بها ، فحصل الذكر الجميل.
رسوم الاحتساب :
وهذه قديمة. والاحتساب مبناه مراعاة قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلم تبق إلا رسومه وكان أمل الوزير إلغاءها وإلغاء الباج. وجل ما فعله ما ورد في الزوراء :
__________________
(١) تبصره عبرت ، ومرآت حيرت ، أو مذكرات مدحت باشا باللغة العربية.