لمصابه خطر عظيم وكثرت الأراجيف ونال الأهلين رعب كبير ومن ثم تراهم تركوا المعاصي فصاروا يميلون إلى الصلاح وإلى تأديب النفوس والركون إلى الاستغفار والتمسك بالعبادة فلم يبق ملجأ إلا الله تعالى ...
ورد في تاريخ الغرابي :
«وقع في بغداد طاعون وكثر حتى جروا بعض الموتى من أرجلهم ورموا بهم في دجلة. وبيعت قربة الماء بخمسة عباسيات» ا ه (١).
ثم خفت وطأته. واستمر إلى يوم عرفة فانقطع وزال خطره وشفي المصابون به فكثرت الموروثات ونال الفقراء الثراء. وبعد أمد يسير أبطر الناس الغنى ووسوس لهم الشيطان سوء الأعمال فمالوا إلى المنكرات وعادوا الكرة إلى عمل الموبقات ... كذا قال صاحب گلشن خلفا.
حالة العراق :
من هذه الأحوال يظهر أن هذا القطر لم ينل راحة. فهو بين حرب وظلم وغرق وطاعون ... فلا أمل أن نرى عمارة ، أو عدلا ، أو أمنا ، أو نموا في الحضارة ولا تمكنا من العلوم والآداب. والحالة لا تزال حربية والاهتمام بالجيش هو المطلوب. والأخبار المتضمنة هجوم السلطان مراد على العراق بقصد استعادته من مؤيدات ذلك. تأهب بنفسه وقام على العجم لصد غائلتهم فلم يتمكنوا من القضاء عليها من مدة بحيث شوشت عليهم داخليتهم وخارجيتهم. فهي بالنظر إليهم أم المسائل أو صارت (قضية الحياة والممات). دامت هذه الأحوال من الاضطراب إلى أن استولى السلطان على بغداد.
__________________
(١) العباسية نقد إيراني من فضة وتساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي. أوضحت عنها في (كتاب النقود العراقية لما بعد العهد العباسي). لم يطبع بعد.