والملحوظ أن النزاع على بغداد وتهالك الترك في سبيلها واهتمام صدورهم في حروبها. والعجم ومجازفتهم في الاحتفاظ بها كل هذه من الأمور الداعية لانتباه الأهلين ولكن أين الانتباه والقوى متكافئة بل راجحة للعجم في الحرص على العراق ودفاعهم عنها دفاع المستميت في كل مرة ... وكذا الترك ومخاطرتهم في الهجوم عليها ولزوم استعادتها ...
مال الأهلون كل منهم لناحية فصاروا طعمة نيران هذه الحرب الملتهبة بلا أمل ولا مواعيد شافية ، ولا التمكين من أي حق بل نراهم يطلبون من الأهلين المقاتلة معهم. وتسهيل النجاح والغالبية ليكونوا شهداء لتمكين سلطانهم ، أو واسطة لتأمين استعبادهم وقهرهم ...
وهكذا نرى عدم المبالاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلا يكاد يظهر لهما أثر في هذا العهد فمال الناس إلى الأهواء النفسية وانهمكوا بالمعاصي. ولذا نرى الصلحاء في خوف وارتباك من الأمر. كثرت في أراذل الناس الفواحش فصارت هذه بمثابة الحالة الاعتيادية المألوفة ...
حوادث سنة ١٠٤٥ ه ـ ١٦٣٥ م
الطاعون في بغداد
توالت الأرزاء ، واختلت الحياة بسبب تكاثر الجيوش ، وصارت المعيشة في اضطراب ، فكان من لوازم ذلك أن حدث في سنة ١٠٤٥ ه في اليوم الثالث من شعبان المعظم الطاعون. هاجمت جيوشه الأهلين واستولت على إقليم العراق واستمر ضرره ودام خطره إلى أول يوم من عيد الفطر.
كانت الضائعات عظيمة جدا فكم دمر من أسرات وقرض من أهلين ...! حتى إنه لم يبق من يدفن الأموات أو يحمل الموتى ، فكان