ولا شكّ أن الوصول لمثل هذا أمر متعسر على الجميع ولا يحلق في سماء فضيلته إلاّ الكمّل من الناس وبدرجات متفاوتة هي على قدر هِمّة الساعين إليه.
ذو حظٍ عظيم :
ولأجل هذه الحقيقة القائمة بين الناس نرى الآية القرآنية المباركة التي تلتها تصرّح بهذا الأمر. إذ تقول ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) (١) فهي تعلن أن مبدأ الرفق والبلوغ من خلاله إلى درجة الدفع بالتي هي أحسن حتى يصير كأنه وليٌّ حميم ، أمر يليق بالعينات السائرة في درب التكامل ، وقد استحقت الدخول في زمرة الذين صبروا وطبيعي أن هذه الزمرة هي من ذوات « الحظ العظيم » أي من ذوات الرأي السديد ، والعقل الراجح ، والرعاية الخاصة ، والنصيب الأوفر في مجال الفيوضات الربانية بما يستحقونه على صبرهم وتحملهم في سبيل الله ، وبما لهم من حظٍّ وافر في مكارم الاخلاق وفواضل السجايا.
فهنيئاً للصابرين منّا في درب الإسلام العزيز ( الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) (٢) ( ... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ ) (٣).
في حديث قدسي شريف ـ يسنده الإمام الصادق عليهالسلام إلى رسول
__________________
(١) فصلت ٤١ : ٣٥.
(٢) النحل ١٦ : ٤٢.
(٣) البقرة ٢ : ١٥٥ ـ ١٥٧.