فدعا غلاماً له يقال له مكحول فأعتقه.
فقال عبدالرحمن بن سليمان التميمي :
لم أرَ كاليوم أخا إخوان |
|
اعجَبَ مِن مكفِّرِ الإيمان |
||
|
بالعتقِ في معصية الرحمن |
|
||
قال مسكويه : وإنّما حكينا هذه الحكاية لأنّ فيها تجربة تستفاد ، وإن ذهب ذلك عن قوم فإنّا ننبّه عليه ، وذلك أنّ المُحنق ربّما سُكِّن بالكلام الصحيح ، والساكن ربّما أحنق بالزور من الكلام ) (١).
غير أن تلك السماحة لا تؤتي أثرها إلاّ وهي صادرة مع القدرة على الردّ ، وإلاّ انقلبت في نفس المسيء ضعفاً وذلاً ، فلا يبقى عندئذ للحسنة أثر على الإطلاق.
كما أن هذه السماحة لا تتعدى حالات الاِساءة الشخصية ، أما العدوان على العقيدة أو على العرض والمال فلا يقابل إلاّ بمثله ، فالنبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان يحسن إلى من أساء إليه فوضع الأذى في طريقه أو أسمعه غليظ الكلام ونحو ذلك ، ويعفو ويصفح ، هو نفسه القائل حين يكون العدوان على العقيدة : « والله ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه » (٢).
__________________
(١) تجارب الاُمم ١ : ٣٢٢. ونصّ الحوار الذي دار بين أمير المؤمنين عليهالسلام وبين الزبير ثابت لدى سائر المؤرخين ، فانظر : الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣٥.
(٢) تاريخ الطبري ١ : ٥٤٥.