برأس الحسين (عليه السّلام) في الكوفة على خشبة ، ثمّ أرسل به إلى يزيد بن معاوية ، وأرسل معه الصبيان والنساء مشدودين على أقتاب الجمال ، موثوقين بالحبال ، والنساء مكشّفات الوجوه والرؤوس. ويُقال : إنّ الذي حضر بالرأس إلى الشام عمر بن سعد بن أبي وقاص ، وفي عنق علي بن الحسين ويديه الغل. فدخل بعض بني اُميّة على يزيد فقال : ابشر يا أمير المؤمنين ، فقد أمكنك الله من عدوك ، قد قُتل الحسين ، ووجّه برأسه إليك ، فلم يلبث إلاّ أياماً قلائل حتّى جيء برأس الحسين. قال الشاعر :
رأسُ ابن بنتِ محمدٍ ووصيّهِ |
|
للناظرينَ على قناةٍ يُرفعُ |
والمسلمونَ بمنظرٍ وبمسمعٍ |
|
لا منكرٌ منهم ولا متفجّعُ |
* * *
وينظرُ الرجسَ يزيدَ ناكثاً |
|
بعودهِ ثغرَ الحسينِ ذي العُلا |
أبدى لذاكَ الحقدِ ما لم يُبدهِ |
|
طالبُ وترٍٍ قطّ من كلِّ الملا |
عـليهِ دامَ الـلعنُ كلّما جرى
دمٌ على الأرضِ وغصنٌ التوى
الواو عاطفة ، وينظر : الضمير يعود إلى المشرّع الأعظم وهو رسول الله (صلّى الله عليه وآله). والرجس : هنا القبيح ، وهو يزيد بن معاوية. ونكت : ضرب بقضيبه ، يُقال : نكت الأرض بقضيبه حال التفكّر فأثّر فيها. والثغر : مقدّم الأسنان. قال الشبراوي (١) : فوضع ، أي رأس الحسين (عليه السّلام) بين يدي يزيد بن معاوية ، فأمر الغلام فرفع الثوب الذي كان عليه ، فحين رآه غطّى وجهه بكمّه ، كأنّه شمّ رائحة (٢). وقال
__________________
(٢) انظر الشبراوي ـ الإتحاف ـ ص ٥٥.
(٣) أقول : إنّ اللعين لمّا رفع المنديل من على رأس الحسين (عليه السّلام) شمّ رائحة طيّبة ، وإنّما غطّى وجهه بكمّه أراد أن يموّه على الجلاّس ؛ لئلاّ يشمّه الحاضرون فيفتتنوا به.