هنا يستشفُ الأديبُ البيان |
|
من الخلدِ ينشدُ تحنانَها |
هنا الروحُ تلهبها الذكريات |
|
فتطلقُ بالشجو بركانَها |
هنا دكّةُ الحقِّ فيها القضاء |
|
توقّعُ بالعدلِ تبيانَها (١) |
هنا منبرُ اللهِ فيه الولاء |
|
علي يرتّلُ قرآنَها |
هنا حيدرُ يرشدُ العالمين |
|
فكان مع الحقِّ عنوانَها |
هنا صادقُ القولِ في علمه |
|
يخرجُ بالدرسِ نعمانَها (٢ ، ٣) |
هنا يرتقي منبراً للحديث |
|
يقرّرُ للخلقِ عرفانَها |
هنا مضجعٌ للسفيرِ الشهيد |
|
(ونفسُ الأبى وما زانَها) (٤) |
__________________
(١) دكّة القضاء : يريد ٨ها الدكّة التي كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يجلس عليها ويقضي بين الناس ، ويحكم فيهم بحكم الله. وموقعها في وسط مسجد الكوفة للجدار الشرقي أقرب حيث شباك قبر هاني بن عروة (رحمه الله) ، وتحتها السرداب الذي جُدّد بناؤه قبل بضعة أعوام.
(٢) هو جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) ، ولد (صلوات الله عليه) في السابع والعشرين من ربيع الأول سنة ثمانين من الهجرة ، وقيل : قبل الثمانين. وقد عاصر الحكومتين الأموية والعباسيّة حتّى اغتاله عامل المنصور بالمدينة فدس إليه السمّ ـ قيل : بالعنب بأمر المنصور الدوانيقي ـ وتوفّي في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة ١٥٤ هجـ وقد جاور السبعين سنة ، ودفن بجنب والده الإمام الباقر ، وجدّه السجّاد زين العابدين ، وعمّه الحسن السبط (عليهم السّلام) في بقيع الغرقد.
(٣) هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي. كان من الموالي ، وأصله من بلدة كابل (أفغانستان). ولد بالكوفة ونشأ ودرس بها ، ثمّ انتقل إلى دار السلام (بغداد). أحد المذاهب الأربعة ، ولقد أخذ العلم عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) كما صرّح بذلك أرباب التاريخ والسير ، كابن الصبّاغ في (الفصول) ، وابن تيميّة في (الصواعق) ، والشبلنجي في (نور الأبصار) ، والشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودّة). وقد ذكر الآلوسي في (مختصر التحفة الاثني عشرية / ٨ ، قال : وهذا أبو حنيفة وهو بين أهل السنة ، كان يفتخر ويقول بأفصح لسان : (لولا السنتان لهلك النعمان) ، يريد السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم من الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام). توفّي (ره) في بغداد سنة ١٥٠ هجـ ، وقبره شمالي الرصافة بالأعظمية ، وعلى باب المسجد قد كتب بالقاشاني المشجر :
سلوه تضرّعاً وادعوه خيفهْ |
|
وبعد استرحموا لأبي حنيفهْ |
(٤) سفير الحسين إلى أهل الكوفة هو ابن عمّه مسلم بن عقيل ذكرناه آنفاً.