وجاء في (كتاب البلدان) (١) ، قال قطرب : سمّيت الكوفة من قولهم : تكوف الرمل ، أي ركب بعضه بعضاً. والكوفان : الاستدارة. وقال أبو حاتم السجستاني : الكوفة رملة مستديرة ، يقال : كأنّهم في كوفان. وقال المغيرة بن شعبة : أخبرنا الفرس الذين كانوا بالحيرة ، قالوا : رأينا قبل الإسلام في موضع الكوفة فيما بين الحيرة إلى النخيلة ناراً تُأجّج ، فإذا أتينا موضعها لم نرَ شيئاً ، فكتب في ذلك صاحب الحيرة إلى كسرى ، فكتب إليه : أن ابعث إليّ من تربتها. قال : فأخذنا من حواليها ووسطها وبعثنا به إليه ، فأراه علماءه وكهنته ، فقالوا : يُبنى في هذا الموضع قرية يكون على يد أهلها هلاك الفرس. قال : فرأينا والله الكوفة في ذلك الموضع. قالوا : أوّل مَنْ اختطّ مسجد الكوفة سعد بن أبي وقّاص ، وقال غيره : اختطّ الكوفة السائب بن الأقرع ، وأبو الهياج الأسدي ، وكانت العرب تقول : أدلع البرّ لسانه في الريف فما كان يلي الفرات فهو (الملطاط) ، وما كان يلي الطين فهو النجف. ويروى عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال : «الكوفة كنز الإيمان ، وجمجمة الإسلام ، وسيف الله ورمحه يضعه حيث يشاء. والذي نفسي بيده لينصرنَّ اللهُ (جلّ وعزّ) بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز». وكان (عليه السّلام) يقول : «إنّ موضع الكوفة اليوم كانت سورستان». وكان سلمان يقول : أهل الله ، وهي قبة الإسلام يحنّ إليها كلّ مسلم. وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : «ليأتينَّ على الكوفة زمان وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ بها ، أو قلبه يحنّ إليها». وقال ابن الكلبي : وفد الحجّاج على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف العراق ، فلمّا دخلوا عليه تذاكروا أمر الكوفة والبصرة ، فقال محمد بن عمير العطاردي : إنّ أرض الكوفة أرض سفلت عن الشام وعملها ووبائها ، وارتفعت عن البصرة وحرّها وعمقها ، وجاورها الفرات فعذب ماؤها وطاب ثمرها ، وهي مريئة مريعة. فقال عبد الله بن الأهتم
__________________
(١) انظر ابن الفقيه ، من علماء أواخر القرن الثالث للهجرة ـ كتاب البلدان ـ ص ١٦٣ ، طبع ليدن.