الحسين (عليه السّلام)
خطب بمكة ، وقال : ألا إنّ أهل العراق قوم غدر فجر ، ألا وإنّ أهل الكوفة شرارهم ؛
إنّهم دعوا الحسين ليولّوه عليهم ، ليقيم أمورهم ، وينصرهم على عدوهم ، ويعيد
معالم الإسلام ، فلمّا قدم عليهم ثاروا عليه يقتلوه ، قالوا له : إن لم تضع يدك في
يد الفاجر ابن زياد الملعون فيرى فيك رأيه ، فاختار الوفاة الكريمة على الحياة
الذميمة ، فرحم الله حسيناً وأخزى قاتله ، ولعن الله مَنْ أمر بذلك ورضي به. أفبعد
ما جرى على أبي عبد الله ما جرى يطمئن أحد إلى هؤلاء ، أو يقبل عهود الفجرة الغدرة؟!
أما والله ، لقد كان صوّاماً بالنهار ، قوامّاً بالليل ، وأولى بينهم من الفاجر
ابن الفاجر. والله ، ما كان يستبدل بالقرآن الغناء ، ولا بالبكاء من خشية الله
الحداء ، ولا بالصيام شرب الخمور ، ولا بقيام الليل الزمور ، ولا بمجالس الذكر
الركض في طلب الصيود ، واللعب بالقرود. قتلوه فسوف يلقون غيّاً ، ألا لعنة الله
على الظالمين ، ثم نزل. وذكر القزويني
، ومثله محمد بن أبي طلحة
قال : وكان أكثر هؤلاء الخارجين لقتاله قد شايعوه وكاتبوه ، وطاوعوه وعاهدوه
وبايعوه ، فلمّا جاءهم كذّبوه ما وعدوه ، وأنكروه وجحدوه ، ومالوا إلى السحت
العاجل فعبدوه ، وخرجوا إلى قتاله رغبة في عطاء ابن زياد فقصدوه ، قال الشاعر :
إذا ما سقى الله البلادَ فلا سقى
|
|
معاهدَ كوفانٍ بنوءِ المرازمِ
|
أتتْ كتبهم في طيّهنَّ كتائبٌ
|
|
وما رقمتْ إلاّ بسمِّ الأراقمِ
|
لخير إمامٍ قامَ في الأمرِ فانبرتْ
|
|
له نكباتٌ أقعدت كلّ قائمِ
|
إذا ذكرت للطفلِ حلّ برأسهِ
|
|
بياضٌ مشيبٌ قبل شدّ التمائمِ
|
أن اقدم إلينا يابن أكرم مَنْ مشى
|
|
على قدمٍ من عربِها والأعاجمِ
|
__________________