______________________________________________________
أما التسكين فأشار إليه بقوله : ويسكّن وقد تقدم أن المسند إلى نا والتاء لا يكون إلا ماضيا ، وأن المسند إلى النون يكون ماضيا ومضارعا وأمرا ، وشمل كلام المصنف الجميع.
وإنما قال : آخر المسند ، ولم يقل لام المسند ؛ لأن المسكن كما يكون لاما كضربت قد يكون حرفا زائدا كسلقيت (١).
قال المصنف (٢) : «واختلف في سبب هذا السكون ، فقال أكثرهم : سببه اجتناب توالي (٣) أربع حركات في شيئين هما كشيء واحد ؛ لأن الفاعل كجزء من الفعل ، وهذا السبب إنما هو في الماضي ثم حمل المضارع عليه. وأما الأمر فاستصحب له ما كان يستحقه من سكون صحيح الآخر كان كاذهبن أو معتله كاخشين.
وهذا التعليل ضعيف من وجهين :
أحدهما : أن التسكين عام والعلة قاصرة عن أكثر الأفعال ؛ لأن توالي الحركات إنما يوجد في الصحيح من فعل وفعل وفعل وانفعل وافتعل لا في غيرهما. ومعلوم أن غيرها أكثر ؛ ومراعاة الأكثر أولى من مراعاة الأقل (٤).
والثاني : أن توالي أربع حركات ليس مهملا في كلامهم ؛ بل هو مستحب بالنسبة إلى بعض الأبنية ، بدليل قولهم : علبط وأصله علابط وعرتن وأصله عرنتن ، وجندل وأصله جنادل عند البصريين وجنديل عند الكوفيين (٥).
وعلى كل تقدير فقد حذفوا مادة منه ومن علابط ، ونونا من عرنتن ، مع اقتضاء ذلك إلى أربع حركات متوالية ؛ فلو كان تواليها منفورا عنه طبعا ومقصود الإهمال وضعا ، لم يتعرضوا إليه دون ضرورة في الأمثلة المذكورة وأشباهها ، ولسدوا باب التأنيث بالتاء في نحو بركة ، ومعدة ، ولبؤة ـ فإنه موقع في توالي أربع ـ
__________________
(١) يقال : سلقيت فلانا طعنته ؛ والثلاثي منه سلقته (المصباح : ١ / ٢٥٤ ، سلق).
(٢) شرح التسهيل (١ / ١٢٤).
(٣) بالأصل : سببه توالي اجتناب ، وما أثبتناه هو الصواب.
(٤) معناه أن الحركات الأربعة المستثقلة التي سكن آخر الفعل من أجلها مفقودة في الثلاثي المعتل عند إسناده كقال ورمى ، وفي الرباعي مطلقا كأعطى ، وفي الخماسي غير انفعل وافتعل كتصدق ، وفي السداسي كله أيضا كاستغفر واطمأن.
(٥) التذييل والتكميل (١ / ٤٢٢). والعلبط : هو الضخم ، والعرتن : بضم التاء شجر يدبغ به ، والجندل : موضع الحجارة.