لم الأحداث في الوضوء
١ ـ إنّ عثمان كان يرى لنفسه أهليّة التشريع ، كما كانت من قبل للشيخين ، فإنّه ليس بأقل منهما شأنا ، حتّى يجوز لهما الإفتاء بالرأي ولا يجوز له؟! مع أنّهم جميعا من مدرسة واحدة هي مدرسة الاجتهاد ، وكلّ منهم خليفة!! ٢ ـ إنه كان من المتشدّدين بظواهر الدين تشدّدا منهيّا عنه ، حتّى أنّه عند بناء مسجد النبي صلىاللهعليهوآله كان يحمل اللبنة ويجافي بها عن ثوبه ، فإذا وضعها نفض كفيه ونظر إلى ثوبه ، فإذا أصابه شيء من التراب نفضه ، وذلك كلّه لأنّه كان رجلا نظيفا متنظّفا (١) ، مع أنّ عمارا كان على ضعفه يحمل لبنتين.
وكان عثمان يغتسل كل يوم خمس مرات ، ولا يردّ سلام المؤمن إذا كان في حالة الوضوء ، وقال هو عن نفسه بأنّه لم يمدّ يده إلى ذكره منذ بايع رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وغيرها من حالاته التي تنمّ عن نفسية مهيّأة للتزيّد والمبالغة في التنظف.
٣ ـ استفادة عثمان من كون الوضوء نظافة وطهارة ، وهذه الفكرة تلائم فكر عثمان ، فلذلك يكون عنده تثليث الغسلات وغسل الممسوحات أكثر نظافة وطهارة ، ولا غضاضة في ذلك من وجهة نظره.
٤ ـ وجود أحاديث نبويّة أمكنه الاستفادة منها في طرح وضوئه الغسلي ، كاستفادته من إحسان الوضوء ، لأنّه كان قد قال بعد وضوئه الغسلي : واللّٰه لأحدثنكم حديثا ، واللّٰه لو لا آية في كتاب اللّٰه ما حدثتكموه .. إني سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول :
لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ، ثمّ يصلي إلّا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها» (٢). واستفيد من بعده من «أسبغوا الوضوء» ومن «ويل للأعقاب من النار» للتدليل على الغسل.
__________________
(١) انظر العقد الفريد ٥ : ٩٠ عن أم سلمة.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٢٠٦ / الحديث ٦.