منها : قوله : رأيت النبي صلىاللهعليهوآله يتوضأ نحو أو مثل وضوئي هذا (١) ، وقوله : رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله توضأ وضوئي هذا (٢) ، ولا تراه يقول مثلا : توضأت كما رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يتوضأ ، أو نحو أو مثل وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وهذه الجمل لها دلالة نفسية على جعل وضوئه هو الميزان والقول الفصل.
ومنها : انحصار القبول وغفران الذنوب بالوضوء الثلاثي ـ خصوصا مع عدم نقله للوضوء الثنائي والأحادي الغسلات ، وورود ذلك عن جم غفير من الصحابة والتابعين ـ فهو يشير إلى تبنّي عثمان للوضوء الثلاثي الغسلي لا غير.
ومنها : وجود جملة «لا يحدّث نفسه بشيء» (٣) في وضوءاته ، والتي احتملنا كونها جاءت لتزكية نفسه وإبعاد الشبهة عنه ، إمعانا في إضفاء المشروعية على وضوئه.
ومنها : عدم تكلّم عثمان في أثناء وضوئه ، ليطبع عليه طابع الهالة والقدسية ، حتّى أنّه لم يكن يردّ سلام المسلّم في أثناء وضوئه ، معلّلا ذلك بما رواه عن النبي صلىاللهعليهوآله من أنّ من توضّأ وتشهّد ولم يتكلّم بينهما غفر له ما بين الوضوئين ، مع أن ردّ السلام واجب وليس هو كسائر الكلام ـ على فرض صحة رواية عثمان (٤).
كل تلك الأدلة والقرائن والشواهد جعلتنا نطمئن إلى أن عثمان كان هو البادئ بالخلاف ، والطارح للوضوء الثلاثي الغسلي الجديد.
عثمان والإحداث
بقي علينا أن نوضّح السبب ـ أو الأسباب ـ التي دعت عثمان إلى إحداث هذا
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٥١ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٦ ، سنن البيهقي ١ : ٤٨ ، سنن النسائي ١ : ٦٤ و ٦٥ ، سنن الدار قطني ١ : ٨٣ / ١٤. صحيح مسلم ١ : ٢٠٥.
(٢) سنن النسائي ١ : ٦٥ ، سنن البيهقي ١ : ٤٨.
(٣) سنن النسائي (المجتبى) ١ : ٦٥ ، سنن البيهقي ١ : ٤٨.
(٤) انظر كنز العمال ٩ : ٤٤٢ / ٢٦٨٨٧ و ٢٦٨٨٨٥ و ٢٦٨٨٨ ، وسنن الدارقطني ١ : ٩٢ / الحديث ٥.