وقال موفق الدين ابن قدامة : ولم يعلم من فقهاء المسلمين من يقول بالمسح غير من ذكرنا (١). وكان عليّ بن أبي طالب وابن عباس ممّن ذكرهم.
وقد نسب أهل العلم المسح إلى علي كابن جرير الطبري في تفسيره (٢).
والجصاص في احكامه (٣) وابن كثير في تفسيره (٤) والمتقي الهندي في كنزه (٥) وغيرهم.
وقد جزم العيني بثبوت القول بالمسح عن علي وابن عباس وأنس بن مالك في عمدة القارئ (٦).
ونسبة هؤلاء الأعلام المسح إلى عليّ بن أبي طالب تدلّنا بصراحة على أنّ مذهبه كان المسح لا غير ، وأنّ نسبة الغسل إليه ما هي إلّا أكاذيب ، وافتراءات وضعت من قبل الاتجاهات المخالفة لتصحيح مذهب عثمان بن عفان ، لأنّه قد ثبت أنّ عليا وأهل بيته كانوا من المعارضين للرأي ومن المدوّنين لحديث رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وثبوت هذان الأمران عنه ينافي ما وضحناه للقارئ من تحكيم الرأي في الوضوء الغسلي ، إذ وقفت على نصوص علي الزارية بهم ، كقوله (لرأيت) و (هذا وضوء من لم يحدث) ، كل هذه النصوص ترجّح أن يكون مذهب الإمام هو المسح لكونه لا يرتضي الغسل بل يعتبره بدعة وإحداثا قد أدخل في الدين ، هذا من زاوية.
ومن زاوية أخرى نلاحظ في الروايات التي نسبت الوضوء الثلاثي الغسلي لعلي وابن عباس أنّها تدّعي الابتداء منهم تبرّعا بإراءة الوضوء دون سؤال مسبق ، بخلاف روايات المسح التي تنقل عنهما ، فإنّها جاءت بعد سؤال من سائل ، أو بصيغة اعتراض على خطأ وإحداث عند الناس يراد رفعه.
ففي الروايات الأربع الغسليّة التي رواها عطاء عن ابن عباس ، وجدنا ادعاء
__________________
(١) المغني ١ : ١٥١ م ١٧٥.
(٢) تفسير الطبري ٦ : ٨٦.
(٣) أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٤) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢ : ٤٥.
(٥) كنز العمال ٩ : ٤٣٩.
(٦) عمدة القارئ ٢ : ٢١.