الاجتهاد والرأي والذي يتزعمه الخليفة ، ونهج التعبد المحض والذي يتزعمه ناس متحدثون عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وبمعنى آخر إنّ هناك وضوءين :
١ ـ وضوء الخليفة عثمان بن عفّان.
٢ ـ وضوء ناس متحدثين عن النبي صلىاللهعليهوآله.
هذا ، وإن الخليفة حاول تجاهلهم بقوله «بأحاديث لا أدري ما هي»؟ مع اعترافه بأنّهم يتحدّثون عن النبي صلىاللهعليهوآله دون اجتراء منه على تكذيبهم أو اتّهامهم بالوضع.
وإذا أضفنا الملاحظات التالية إلى هذين النصين تبيّن لنا أنّ الخلاف وقع في زمان عثمان لا محالة ، وهي :
أ ـ عدم وجود وضوء بياني للشيخين كما قدمنا ، بل وجود نص عن الخليفة الثاني يدل على كونه من الماسحين على القدمين ، إذ أتى العيني باسمه في عمدة القارئ ضمن الماسحين (١).
وهكذا جاء عن ابنه عبد اللّٰه خبر المسح ، لما أخرجه الطحاوي بسنده عن نافع عن ابن عمر أنّه كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح ظهور قدميه بيديه ويقول : كان رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يصنع هكذا (٢).
وقد جاء عن عائشة أنّها خالفت أخاها عبد الرحمن في وضوئه وقالت له :
يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء ، فإنّي سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول : ويل للأعقاب من النار (٣).
فإنها أرادت الاستفادة من كلمة (الإسباغ) (وويل للأعقاب) للتدليل على لزوم غسل القدمين ، وأنت تعلم بأن لا دلالة لهاتين الكلمتين على مطلوبها ، بل ترى في
__________________
(١) عمدة القارئ للعيني ٢ : ٢٤٠ وكذا الطبري في تفسيره.
(٢) شرح معاني الآثار ١ : ٣٥ / ١٦٠.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٢١٣ / ٢٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٥٤ / ٤٥٢ ، المصنف لعبد الرزاق ١ : ٢٣ / ٦٩ ، الموطأ ١ : ١٩ / ٥ ، مسند أحمد ٦ : ١١٢ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٨ / ١٨٨.