وحدث بين سعد وعبد اللّٰه بن عمر أيضا خلاف فيها بمحضر من عمر (١) ، ولم نجد أكثر من ذلك ، وهذا لا يشكّل خلافا في أصل الوضوء وماهيّته كما لا يخفى.
ثمّ إنّ عدم وجود وضوء بياني عن الخليفة الثاني ، يكشف عن عدم وجود اختلاف ظاهر في الوضوء في عهده ، خصوصا إذا علمنا أنّ الفتوح توسّعت آن ذاك وكان الداخلون الجدد في الإسلام بحاجة إلى تعلّم الوضوء.
فالحالة الطبيعية كانت تقتضي صدور نصوص عن عمر ـ أو في زمانه ـ لو كان ثمة اختلاف ، في ماهية الوضوء وحيث لم نجد أي شيء من ذلك ، عرفنا استقرار أمر الوضوء وعدم الخلاف فيه ، بل الذي وجدنا فيه هو نسبة المسح على القدمين إلى الخليفة عمر بن الخطّاب (٢).
نعم ، إنّ الخلاف في الوضوء قد ظهر في زمن عثمان بن عفّان ، وذلك طبق الأدلة والمؤشرات التاريخية.
فقد روى المتقي الهندي ، عن أبي مالك الدمشقي ، قوله : حدّثت أنّ عثمان بن عفّان اختلف في خلافته في الوضوء (٣).
وأخرج مسلم في صحيحه ، عن قتيبة بن سعيد ، وأحمد بن عبدة الضبي ، قالا : حدثنا عبد العزيز ـ وهو الدراوردي ـ عن زيد بن أسلم ، عن حمران مولى عثمان ، قال : أتيت عثمان بن عفّان بوضوء ، فتوضّأ ثمّ قال : إنّ ناسا يتحدّثون عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بأحاديث لا أدري ما هي ، إلّا أنّي رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله توضّأ مثل وضوئي هذا ، ثمّ قال : «من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه» (٤).
وهذان النصّان يقرّران حدوث اختلاف في الوضوء بين عثمان ، وبين ناس متحدثين عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وهذا يؤكد تواصل النهجين في هذا العهد ، نهج
__________________
(١) انظر الدر المنثور ٢ : ٢٦٣.
(٢) انظر عمدة القاري ٢ : ٢٤٠ وفيه : أخرجه ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ.
(٣) كنز العمال ٩ : ٤٤٣ / الحديث ٢٦٨٩٠.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٢٠٧ / الحديث ٨ ، وعنه في كنز العمال ٩ : ٤٢٣ الحديث ٢٦٧٩٧.