وحدث بين سعد وعبد اللّٰه بن عمر أيضا خلاف فيها بمحضر من عمر ، ولم نجد أكثر من ذلك ، وهذا لا يشكّل خلافا في أصل
الوضوء وماهيّته كما لا يخفى.
ثمّ إنّ عدم
وجود وضوء بياني عن الخليفة الثاني ، يكشف عن عدم وجود اختلاف ظاهر في الوضوء في
عهده ، خصوصا إذا علمنا أنّ الفتوح توسّعت آن ذاك وكان الداخلون الجدد في الإسلام
بحاجة إلى تعلّم الوضوء.
فالحالة
الطبيعية كانت تقتضي صدور نصوص عن عمر ـ أو في زمانه ـ لو كان ثمة اختلاف ، في
ماهية الوضوء وحيث لم نجد أي شيء من ذلك ، عرفنا استقرار أمر الوضوء وعدم الخلاف
فيه ، بل الذي وجدنا فيه هو نسبة المسح على القدمين إلى الخليفة عمر بن الخطّاب .
نعم ، إنّ
الخلاف في الوضوء قد ظهر في زمن عثمان بن عفّان ، وذلك طبق الأدلة والمؤشرات
التاريخية.
فقد روى المتقي
الهندي ، عن أبي مالك الدمشقي ، قوله : حدّثت أنّ عثمان بن عفّان اختلف في خلافته
في الوضوء .
وأخرج مسلم في
صحيحه ، عن قتيبة بن سعيد ، وأحمد بن عبدة الضبي ، قالا : حدثنا عبد العزيز ـ وهو
الدراوردي ـ عن زيد بن أسلم ، عن حمران مولى عثمان ، قال : أتيت عثمان بن عفّان
بوضوء ، فتوضّأ ثمّ قال : إنّ ناسا يتحدّثون عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بأحاديث لا أدري ما هي ، إلّا أنّي رأيت رسول
اللّٰه صلىاللهعليهوآله توضّأ مثل وضوئي هذا ، ثمّ قال : «من توضأ هكذا غفر له
ما تقدم من ذنبه» .
وهذان النصّان
يقرّران حدوث اختلاف في الوضوء بين عثمان ، وبين ناس متحدثين عن رسول اللّٰه
صلىاللهعليهوآله ، وهذا يؤكد تواصل النهجين في هذا العهد ، نهج
__________________