والرأي ، ولا يلتفت ويتأمّل في المنقول الثابت عن علي وابن عبّاس في هذه الأمّهات من المسانيد والصحاح.
ولما ذا لا يذكر مالك القول الآخر عن علي وابن عبّاس والموافق لمدرسة أهل البيت؟! إلا يعني هذا أنّ الخلافة تريد نقل فقه علي وابن عبّاس الموافق لفقه الشيخين وما يؤيد مذهب الخلفاء ، وترك المخالف لهم؟
وكيف يمكنك ترجيح احدى النسبتين إلى علي وابن عباس ، مع كل هذه الملابسات!.
وهل حقّا أنّهما نهيا عن المتعة أم سمحا بها؟
وما الّذي يصحّ عنهم في المسح على الخفين؟ هل أنّهما قالا : للمقيم يوم وللمسافر ثلاثا ، أم أنّهم نهوا عن المسح على الخفين عموما؟
وما هو المحفوظ عن علي وابن عبّاس في كتب الصحاح والسنن والفقه والتفسير؟ ـ هل هو المسح أم الغسل؟! بل بم يمكننا ترجيح أحد النسبتين إلى أمثال هؤلاء الصحابة ـ على فرض التكافؤ الإسنادي ـ بعد أن عرفنا ملابسات الأحكام؟
ولما ذا نرى وجود ما يوافق الخلفاء فقط ، في الموطأ وغيره وعدم وجود النقل الآخر فيه ـ أو وجوده وطرحه بشتى التقوّلات ـ؟ وما يعني هذا؟
كل هذه تشككنا في صحة نسبة النقل الحكومي عن علي وابن عبّاس ومن شابههما ، وخصوصا حينما عرفنا أن أئمّة نهج الاجتهاد والرأي لا يستسيغون المروي بواسطة أصحاب التّعبد ـ وعلى رأسهما علي وابن عبّاس ـ إلّا ما يوافق رغباتهم.
فعلى هذا لا يمكن الركون إلى ما يروى عن علي وابن عبّاس في الغسل ، لأنّه قد ثبت لدينا من جهة أخرى بأسانيد أصح أن مذهب أهل التعبد ـ هو روايتهم عن النبي في الوضوء ـ المسح لا الغسل.
فالعقل طبقا لما تقدّم لا يقبل أي نسبة أو أي رواية مروية إلى علي وابن عبّاس توافق نهج الخلفاء وخصوصا إذا عارضها منقول آخر عنهما في الصحاح والمسانيد ، لأن الأرجح في النقلين هو ما يخالف نظرة الخليفة دائما ، بل وحتى لو كان مرجوحا