واحد من جملة الصحابة ، لا يزيد عنهم بشيء) (١).
وهذا يعرفنا أن الخلفاء ـ أمويّين كانوا أم عباسيين ـ يشتركون في نقطة واحدة وهي حمايتهم لفقه الشيخين ، وترك فقه عليّ بن أبي طالب وابن عباس ، أي أخذهم بسيرة الشيخين وإن خالفت السنة النبوية ، وبمعنى آخر أخذهم باجتهاداتهم المقابلة للنص بجنب مرويّاتهم عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وإذا اتضحت لك آفاق السياسة الحاكمة في لزوم الأخذ بفقه ابن عمر وإن خالف عليا وابن عبّاس نقول :
إن ابن عمر وإن خالف أباه في مفردات فقهية كثيرة ، ودعا إلى سنّة رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله وترك كلام أبيه المخالف لسنة رسول اللّٰه ، لكنّه في الوقت نفسه كان قد دافع عن خلافة معاوية ويزيد وبقية الخلفاء الأمويّين ، وسنّ أصولا كان لهم الاستفادة منها كقاعدة (من غلب) ولزوم اتباع الحاكم وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك و ..
فالنهج الحاكم وإن كان يريد تشريع ما سنّه الشيخان وإبعاد من عارضهم في اجتهاداتهم ، لكنه كان يتخوف ممن لا يتّفق معهم في أصول الخلافة والإمامة أيضا ، وأما الذين يذهبون إلى ما يذهب إليه الخلفاء فلا مانع من نقل كلامه ـ الذي يخدمهم في الغالب ـ وخصوصا لما رأوا في ابن عمر من مؤهلات يمكن الاستفادة منها.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الخلافة العباسية ، فقد دعت إلى الأخذ بفقه ابن عمر مع أنّه كان مدافعا عن الأمويّين في السابق ، وذلك لوحدة النهج والفكر بينهم ، وإن كان إثبات هذا المدعى يحتاج إلى مزيد بيان ليس هنا محل بحثه.
كانت هذه مؤشّرات صريحة وضّحت لنا بأنّ التشريع قد امتزج بالسياسة بعد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وأخذ طابعا خاصا ، وأنّ الملك والسلطان كان له أعظم التأثير في ترسيخ بعض المفاهيم والأفكار الشائعة اليوم ، ثمّ اشتداد هذا الأمر في العصور اللاحقة.
ولو طالع الباحث في سيرة الحجّاج بن يوسف الثقفي مثلا لعرف اتجاه الحجّاج
__________________
(١) موقف الخلفاء العباسيين : ١٧٠.