قلت : ويزعم قومك أنّه طاف بين الصفا والمروة على بعير ، وأنّ ذلك سنة؟
فقال : صدقوا وكذبوا! فقلت : وما صدقوا وكذبوا؟! فقال : صدقوا ، قد طاف بين الصفا والمروة على بعير ، وكذبوا ليست بسنّة ، كان الناس لا يدفعون عن رسول اللّٰه ولا يصدفون عنه ، فطاف على بعير ، ليسمعوا كلامه ولا تناله أيديهم .. (١)
وجاء رجل إلى ابن عبّاس فقال : إنّ مولاك إذا سجد وضع جبهته وذراعيه وصدره بالأرض ، فقال له ابن عباس : ما حملك على ما تصنع؟
قال : التواضع.
قال : هكذا ربضة الكلب ، رأيت النبي صلىاللهعليهوآله إذا سجد رئي بياض إبطيه. (٢)
فنهج الخلفاء كان يخالف ابن عباس ، لتعبده ولمواقفه السياسية.
نعم ، إنّ الأمويين أرادوا إبعاد الإمام علي عن الخلافة ، ثمّ تحكيم خلافتهم وإعطاءها الشرعية وعبر مراحل ذكرناها في المدخل (٣).
وإن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله كان قد أخبر عليا بما تصنع الأمّة معه وبالأحكام الشرعية من بعده (٤) ، وجاء عن أبي عثمان النهدي قوله : أخذ علي يحدّثنا ، إلى أن قال : جذبني رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله وبكى فقلت : يا رسول اللّٰه ما يبكيك؟ قال : ضغائن في صدور قوم لن يبدوها لك إلّا بعدي ، فقلت : بسلامة من ديني؟ قال : نعم بسلامة من دينك (٥).
ومن هذا المنطلق أخذ أجلّة الصحابة يعترضون على معاوية والخلفاء من بعده لتلاعبهم بالدين واتّخاذهم الشريعة سلما لأهدافهم ، باكين على الإسلام وأمور
__________________
(١) مسند أحمد (٢٧٠٧ ، ٢٧٠٨ ، ٣٥٣٤ ، ٣٥٣٥ ، ٢٠٢٩ ، ٢٨٤٣ ، ٢٢٢٠ ، ٢٠٧٧ ، ٣٤٩٢) كما في جامع المسانيد والسنن ٣١ : ٢٨.
(٢) مسند الامام أحمد (٢٩٣٥) كما في جامع المسانيد والسنن ٣٠ : ٤٧٤.
(٣) وضوء النبي صلىاللهعليهوآله / المدخل : الباب الثاني الوضوء في العهدين الأموي والعباسي.
(٤) انظر شرح نهج البلاغة ، للتستري ٤ : ٥١٩.
(٥) تاريخ بغداد للخطيب ١٣ : ٣٩٨.