كان قد أمر أعوانه بمحو أسماء شيعة علي من الديوان (١) ، وأصدر مراسيم حكومية بأن لا تقبل شهادة لأحد من شيعة علي وأهل بيته.
وكان ابن عبّاس غير مستثنى من هذه القاعدة ، حيث أسقط معاوية عطاءه ، وكان يلعنه في القنوت بعد علي بن أبي طالب.
وقد بسطنا القول عن اتجاهي الرأي والتعبد على عهد رسول اللّٰه سابقا ، وأن القرشيين كانوا من أهل الرأي وأن ابن عبّاس وعلي وغيرهم من التعبد ، فجاء عن أبي عبّاس قوله : ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويدع غير النبي صلىاللهعليهوآله ، (٢) وقوله : ألم يقل اللّٰه عزوجل (مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، قلت : بلى ، قال : ألم يقل اللّٰه (وَمٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَلٰا مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ، قلت : بلى. قال : أشهد ان نبي اللّٰه صلىاللهعليهوآله نهى عن النقير والمزفّت والدباء والحنتم (٣) وقوله في آخر : الا تنتهوا عما نهاكم عنه رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله؟ (٤) وقد ثبت عنه رحمه اللّٰه أنه كان يصحح المفاهيم الخاطئة التي وقع فيها الناس ، فعن أبي الطفيل قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله رمّل بالبيت ، وأن ذلك سنة؟
فقال : صدقوا وكذبوا! قلت : وما صدقوا وكذبوا؟! قال : صدقوا ، رمّل رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بالبيت ، وكذبوا ، ليس بسنة ، إن قريشا قالت زمن الحديبية : دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف ، فلما صالحوه على أن يقدموا من العام المقبل ويقيموا بمكة ثلاثة أيام ، فقدم رسول اللّٰه ، والمشركون من قبل قعيقعان ، فقال رسول اللّٰه لأصحابه : ارملوا بالبيت ثلاثا ، وليس بسنة.
__________________
(١) النصائح الكافية : ٨٨.
(٢) رواه الطبراني (١١٩٤١) وقال الهيثمي ١ : ١٧٩ ، رجاله موثقون ، انظر جامع المسانيد والسنن ٣٢ : ٢٦.
(٣) رواه النسائي في الأشربة (باب ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الأوعية).
(٤) أخرجه الامام أحمد في مسنده (٢٧٧٢) وإسناده صحيح ، كما في هامش جامع المسانيد ٣٠ : ٢٢٣.