ينتمي : التعبد المحض أم الرأي والاجتهاد؟؟ ومدى تقارب فقه ابن عبّاس مع فقه عليّ بن أبي طالب أو تخالفه معه ، وهما من الطالبيين!! وقد مر عليك ما جاء في كنز العمال : عن إبراهيم التيمي ، وأنّه قال : خلا عمر بن الخطّاب ذات يوم فجعل يحدث نفسه ، فأرسل إلى ابن عبّاس فقال : كيف تختلف هذه الأمّة وكتابها واحد ، ونبيها واحد ، وقبلتها واحدة؟
فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين! أنّا أنزل علينا القرآن فقرأناه ، وعلمنا فيما نزل وإنّه يكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن لا يعرفون فيم نزل ، فيكون لكلّ قوم رأي ، فإذا كان لكلّ قوم رأي اختلفوا ، فإذا اختلفوا اقتتلوا ، فزبره عمر وانتهره ، وانصرف ابن عباس ، ثمّ دعاه بعد ، فعرف الذي قال ، ثمّ قال : إيها أعد (١).
وجاء عنه تصريحه بان الطلاق ثلاثا لم يكن على عهد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بل هو من إفتاء عمر (٢) ، وإن ابن عبّاس كان يرى ان ذلك يقع واحدا (٣).
ابن عبّاس والخلافة
عرف عن العباس بن عبد المطلب ـ جد العباسيين ـ وابنه عبد اللّٰه أنّهما كانا من المدافعين عن خلافة عليّ بن أبي طالب والمقرّين بفضله.
لان العباس قد تخلف عن بيعة أبي بكر ولم يشارك في اجتماع السقيفة مع جمع آخر من الصحابة ، بل بقي إلى جنب علي يجهّزان رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله حتى وري في التراب ، وإنّ في مواقف العبّاس في الشورى ـ بعد مقتل عمر بن الخطّاب ـ وغيرها ما يؤكّد هذه الحقيقة.
وهكذا الحال بالنسبة إلى ابنه عبد اللّٰه ، فهو الآخر قد كان من المدافعين عن خلافة الإمام عليّ والمقرّين بفضله ، وأنّه هو وأولاده أحقّ الناس بالأمر بعد
__________________
(١) كنز العمال ٢ : ٣٣٣ ح ٤١٦٧.
(٢) رواه مسلم في الطلاق ح ١٧ من باب (طلاق الثلاث) والطبراني (١٠٩٧٥) وأحمد في مسنده (٢٨٧٧) انظر جامع الأسانيد ٣٠ : ٥١٢ ، ٥٤٠.
(٣) مسند الامام أحمد (٢٣٨٧) ورواه أبو يعلى (٢٥٠٠) وإسناده صحيح ، انظر جامع المسانيد ٣١ : ٤٠٨ ، ٤١٩.