والشهادة الثانية تعني إنهاء حالة التعددية القيادية والمناحرات القبلية ، والاجتماع على قائد واحد ، وهو رسول الإنسانية ، أي إنّ الإسلام أراد توحيدهم بالله سبحانه وتعالى اعتقاديا ، وبمحمد بن عبد اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، قائدا روحيا وسياسيّا واجتماعيّا ، لأنّ وحدة الفكر والقيادة من الأمور التي تقوّي الأمة وترفع شأنها ، بخلاف التعددية المؤدّية إلى الفرقة والاختلاف.
وإليك الآن بعض الشيء عن التعبّد والمتعبّدين والاجتهاد والمجتهدين ، ودور كل واحد منهما في الوضوء النبوي على سبيل الإجمال.
التعبد والمتعبدون
قلنا لك بأنّ القرآن المجيد والسنة النبوية لم يعتقدا بالتعددية بل جاءا ليحطّما الاعتقاد الجاهلي ـ المبتني على حبّ الذات والطمع في الرئاسة ـ إذ أكّد سبحانه في القرآن المجيد مرارا وبشتى الألفاظ على وجوب اتّباع النبي صلىاللهعليهوآله الأمّي ، بمثل قوله :
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ) (١) ، وقوله (وَمَنْ يُطِعِ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللّٰهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰائِزُونَ) (٢) ، وقوله (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ ..) (٣) ، وقوله (إِنَّمٰا كٰانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذٰا دُعُوا إِلَى اللّٰهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنٰا وَأَطَعْنٰا وَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٤) ، وقوله (وَمٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَلٰا مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلٰالاً مُبِيناً) (٥) .. إلى غيرها من الآيات الكريمة الآمرة باتباع النبي صلىاللهعليهوآله وطاعته ، مقرونة
__________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) النور : ٥٢.
(٣) محمّد : ٣٣.
(٤) النور : ٥١.
(٥) الأحزاب : ٣٦.