الشيء ينجس بالعذرة ، مثلا ، إلّا أنّ ملاقاة العذرة سبب لتنجيسه مطلقا من دون فرق بين كيفيّات الملاقاة ولا بين أن أنواع المائعات ، فلا يرون الواسطة في التنجيس في المائعات إلّا مجرّد الملاقاة ، وهذا بخلاف الجامدات فإنّهم يعتبرون فيها شرطا زائدا على أصل الملاقاة ، وهو حصولها برطوبة مسرية ، فلا فرق فيما هو المغروس في أذهان المتشرّعة بين قولنا : الماء ينجس بالبول ، أو اللبن ينجس بالبول ، فكما أنّ الثاني لا ينصرف عن صورة ورود اللبن على البول فكذا الأوّل.
فدعوى الفرق بين الورودين في خصوص الماء استنادا إلى إهمال الأدلّة ، ضعيفة جدّا.
وأضعف منها : التفصيل بين الوارد المستعمل في إزالة الخبث وغيره ، لشهادة الوجدان بعدم الفرق فيما يتفاهم منه عرفا بين ما إذا اجتمع فيها شرائط التطهير أم لا.
ومثله في الضعف : دعوى أنّ ما هو المغروس في أذهانهم من اشتراط طهارة المطهّر موجب لصرف الظهور واختصاصه بغير مورد النزاع.
توضيح الضعف : أنّ المسألة التي هي مطرح أنظار العلماء كيف تكون مغروسة في أذهان العوام! وإنّما المغروس في أذهانهم اعتبار طهارته قبل التطهير ، وأمّا بالنظر إلى هذا الاستعمال فلا ، بل الظاهر أنّ المغروس في أذهانهم انفعاله تشبيها بالقذارات الصوريّة ، فيزعمون انتقال النجاسة من الثوب إلى الماء.