عدي : أتزعم أنك سِرتَ مسيرة شهرين في ساعة ، أشهد أنك كاذب.
قالوا : ثم قالت قريش : أخبِرنا عمّا رأيت.
فقال : مررتُ بعير بني فلان ، وقد أضلُّوا بعيراً لهم وهم في طلبه ، وفي رحلهم قعبٌ مملوء من ماء. ومررتُ بعير بني فلان ، فنفرتُ بكرةفلان فانكسرت يدها.
قالوا : فأخبِرنا عن عيرنا.
قال : مررتُ بها بالتنعيم ، وبيَّن لهم أجمالها وهيئاتها.
وقال : تقدَّمها جمل ، أورق ، عليه قرارتان محيطتان ، ويطلع عليكم عند طلوع الشمس.
قالوا : هذه آية أُخرى.
ثم خرجوا يشتدُّون نحو التيه ، وهم يقولون : لقد قضى محمد بيننا وبينه قضاءاً بيِّناً. وجلسوا ينتظرون متى تطلع الشمس فيكذِّبوه.
فقال قائل : والله إن الشمس قد طلعت ، وقال آخر : والله هذه الإبل قد طلعت ، يقدمها بعيرٌ أورق. فبهتوا ولم يؤمنوا» ١.
وجاء في تفسير الكشّاف :
«ورُوِي أنه كان نائماً في بيت أم هاني بعد صلاة العشاء ، فأُسرِيَ به ورجع من ليته. وقصَّالقصة على أم هاني وقال : مَثُل لي النبيُّون فصلَّيتُ بهم.
وقام ليخرج إلى المسجد ، فتشبَّثَت أم هاني بثوبه.
فقال : ما لكِ؟
قالت : أخشى أن يكذِّبك قومك إن أخبرتَهم.
قال : وإن كذَّبوني.
فخرج ، فجلس إليه أبو جهل ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث الإسراء.
فقال أبو جهل : يا معشر بني كعب بن لؤي! هلَمَّ ، فحدَّثهم .... فمن بين مصفِّقٍ وواضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً ، وارتدَّ ناس ممَّن كان قد آمن به ... فاستنعتوه المسجد ، فجَلى به
__________________
١. تفسير مجمع البيان : ج ٦ ص ٣٩٥.