[١٠٠٨٦] حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مبارك قال : سمعت الحسن قال : لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك تخلف كعب بن مالك وهلال بن أمية ، وربيع بن مرارة أو مرارة بن الربيع قال : أما أحدهم فكان له حائط حين زها قد فشت فيه الحمرة والصفرة قال : قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو أقمت عامي هذا في هذا الحائط فأصبت منه فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دخل حائطه فقال : ما خلفني عن رسول الله وما استبق المؤمنون من الجهاد في سبيل الله إلا ضنّ بك أيها الحائط ، اللهمّ إني أشهدك أني قد تصدقت به في سبيلك.
وأما الآخر : فكان قد تفرق عنه من أهله ناس ، واجتمعوا له فقال : قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت ، فلو أني أقمت العام في أهلي فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال : ما خلفني عن رسول الله ، وما استبق إليه المؤمنون في الجهاد في سبيل الله إلا ضنّ بكم أيها الأهل ، اللهم إن لك عليّ ألا أرجع إلي أهلي ومالي حتي أعلم ما تقضي فيّ ، وأما الآخر فقال : اللهم إن لك عليّ أن تقطع نفسي أو ألحق بالقوم. فأنزل الله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) إلى قوله : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) قال الحسن يا سبحان الله! (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) الآية ، قال الحسن : يا سبحان الله! والله ما أكلوا مالا حراما ، ولا أصابوا دما حراما ، ولا أفسدوا في الأرض ، غير أنهم قد أبطئوا في تلك الغزاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ منهم ما تسمعون (١).
[١٠٠٧٨] حدثنا علي بن الحسين ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد عن قتادة (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) أي : عن التوبة حتى إذا (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) عن قتادة : إنه كعب بن مالك وهلال بن أمية ، ومرارة بن ربيعة ، نفر من الأنصار ، قال قتادة : والله ما سفكوا دما ، ولا أكلوا مالا ، ولا أنكروا معرفة ، ولكنهم تخلفوا عن غزوة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتبوك ، فتابوا أحسن التوبة ، وفزعوا أحسن الفزع ، أما أحدهم فأوثق نفسه إلى سارية فقال :
__________________
(١) ابن كثير ٤ / ١٦٤.