وأيّ فائدة أن نذكر بعد الكلام في العارض الذي يلحق البعد ، ويوجب أن ينطبع البعد بالمادة مرة ، وأن لا ينطبع مرة ، إن هذا اللحوق هل (٣٥٦) هو كلحوق المعنى الفصلي ، أو ليس كلحوق المعنى الفصلي. وأي تعلق لهذه المسألة بتلك المسألة؟
لأنه يجوز أن يكون المعنى الواحد ينقسم بالفصلين إلى نوعين ، فيجوز على أحدهما أمر ولا يجوز على الآخر. وأما إذا اختلفا في العوارض ، وكانت الطبيعة غير مختلفة في النوع (٣٥٧) فأيّ شيء جاز على أحد الأمرين جاز على الآخر.
(١١١٩) لم قيل : وما لم يكن في الخلاء جسم موجود فلا يكون له جهة؟
لأنه ليس بعض النقط والأحياز الذي فيه مخالفا للآخر حتى يكون التوجه إليه سفولا ، وإلى الآخر علوّا ؛ إنما (٣٥٨) تختلف الأجسام أو يختلف الخلاء والجسم. ـ؟
وقال : إن كان الجهة في الخلاء فإما أن يكون مما يصار إليه بالقطع ، أو يصار إليه لا بالقطع ، وليس ولا واحدة من هاتين الحالتين للجهة توجب أن لا يكون في الخلاء جهة. ـ؟
كلام صحيح لست أدري موضع التشكك (٣٥٩) فيه. ومعناه أن الجهة إذا كانت موجودة فإما أن ينتهى إليها أو لا ينتهى. فإن كان لا ينتهى إليها من مكان معلوم مفروض فليس لها وجود وضعي ، فأن بين كل موضع وموضع مسافة متناهية ؛ وإن كان التوجه من ذلك الموضع لا يصح أن يقع إليها فليست بجهة ؛ وإن كانت الجهة يصار إليها عن خلافها فكيف صار في الخلاء شيء وخلافه من غير سبب غير الخلاء : جسم ، أو أمر في جسم (٣٦٠)؟
__________________
(٣٥٦) لر : وهل هو لحوق.
(٣٥٧) لر : بالنوع.
(٣٥٨) لر : بل انما.
(٣٥٩) لر : الشك.
(٣٦٠) لر : الجسم.
__________________
(١١١٩) راجع الشفاء : الفصل السابق ، ص ١٢٨.