مقامه قد يدل به على معنى آخر في اللغات كلها ، فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو (٢٣٧) ، فللمثلّث حقيقة أنه مثلّث ، وللبياض حقيقة أنه بياض.
وذلك هو الذي ربما سميناه «الوجود الخاصّ» ولم يرد به معنى الوجود الإثباتي ، فإن لفظ «الوجود» يدل به أيضا على معاني (٢٣٨) كثيرة ، منها الحقيقة التي عليها الشيء ، وكأنه ما عليه (٢٣٩) يكون الوجود الخاصّ للشيء.
(٨٠٣) فنقول : إن لكل شيء حقيقة خاصية (٢٤٠) هي ماهيته ، ومعلوم أن حقيقة كل شيء الخاصيّة (٢٤١) به غير الوجود الذي يرادف الإثبات ، وذلك لأنك إذا قلت : «حقيقة كذا موجودة ، إما (٢٤٢) في الاعيان أو في النفس أو مطلقا» يعمّهما (٢٤٣) جميعا ، كان لهذا معنى محصل مفهوم ؛ ولو قلت (٢٤٤) : «إن حقيقة كذا حقيقة كذا ، وإن حقيقة كذا ، حقيقة» لكان حشوا من الكلام غير مفيد.
ولو قلت : «إن حقيقة كذا شيء» لكان أيضا قولا (٢٤٥) غير مفيد ما يجهل. وأقل (٢٤٦) إفادة منه أن تقول : «إن الحقيقة شيء» إلا أن يعنى بالشيء «الموجود» كأنك قلت : «[إن لحقيقة كذا حقيقة] (٢٤٧) موجودة».
ف «الشيء» يراد به ما ذكر ، ولا يفارق لزوم معنى الوجود إياه البتة ، بل معنى الموجود يلزمه دائما ، لأنه يكون إما موجودا في الأعيان ، أو موجودا في الوهم والعقل. فإن لم يكن كذا لم يكن شيئا ولم يصح الخبر عنه (٢٤٨).
(٨٠٤) نقول : إنه وإن لم يكن الموجود جنسا ولا مقولا بالتساوي على ما تحته ـ فإنه معنى متّفق (٢٤٩) فيه على التقديم والتأخير [٧٤ آ] وأول ما يكون للماهية التي هي الجوهر ، ثم يكون لما بعده وإذ هو معنى واحد على ما ذكرناه
__________________
(٢٣٧) لر : هو بما هو. (٢٣٨) لر : معنى.
(٢٣٩) لر : فاعلية. (٢٤٠) م ، الشفاء : خاصة.
(٢٤١) م ، الشفاء : الخاصة. لر : الخاص.
(٢٤٢) «اما» ساقطة من لر.
(٢٤٣) لر ، الشفاء : يعمها. (٢٤٤) لر : قلنا.
(٢٤٥) لر : قول. (٢٤٦) لر : أقله.
(٢٤٧) لر : إن حقيقة كذا حقيقة كذا.
(٢٤٨) لر : الجزء عنه. (٢٤٩) لر : يتفق.
__________________
(٨٠٤) من الشفاء : الإلهيات ، م ١ ، ف ٥ ، ٣٤.