إنهم قريش قالوا : يا محمد إن بيننا وبينك قرابة فأسرّ إلينا متى الساعة. قال في الكشاف : الساعة من الأسماء الغالبة كالنجم للثريا ، سميت القيامة ساعة لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها أو على العكس لطولها كما يقال للحبشي أبو البيضاء ، أو لأنها عند الله على طولها كساعة من الساعات عند الخلق و (أَيَّانَ) استفهام عن الزمان ويختص بالأمور العظام نحو (أَيَّانَ مُرْساها) [النازعات : ٤٢] و (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) [الذاريات : ١٢] ولا يقال أيان نمت. وكسر همزته لغة بني سليم. وعن ابن جني أن اشتقاقه من أيّ «فعلان» منه وأيّ فعل من أويت إليه لأن البعض يأوي إلى الكل ، وأنكر أن يكون اشتقاقه من «أين» لأنه للزمان و «أين» للمكان ولقلة «فعال» في الأسماء وكثرة «فعلان» فيها. وقال الأندلسي : أصله «أي أو أن» حذفت الهمزة مع الياء الأخيرة فبقي «أيوان» فأدغم بعد القلب. وقيل : أصله «أي آن» بمعنى «أيّ حين» فخفف بحذف الهمزة فاتصلت الألف والنون بأي. ورد بأن «آنا» لا يستعمل إلا بلام التعريف. والمرسى بمعنى الإرساء والإثبات ، والرسوّ الثبات والاستقرار ولعله لا يطلق إلا على ما فيه ثقل ومنه رسا الجبل وأرست السفينة ولا أثقل من الساعة على الخلائق (قُلْ إِنَّما عِلْمُها) أي علم وقت إرسائها وإثباتها وإقرارها (عِنْدَ رَبِّي) قد استأثر به لم يخبر به أحدا من ملك مقرب ولا نبي مرسل يكاد يخفيها من نفسه ليكون أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية كما أخفى وقت الموت لذلك (لا يُجَلِّيها) لا يظهرها (لِوَقْتِها) أي للخبر عن وقتها قبل مجيئها أحد (إِلَّا هُوَ) والحاصل أنه لا يقدر على إظهار وقتها المعين بالإخبار والإعلام إلا هو (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال الحسن : أي ثقل مجيئها على أهل السموات لانشقاق السماء وتكوير الشمس وانتثار النجوم ، وعلى أهل الأرض لأن في ذلك اليوم فناءهم وهلاكهم. أو ثقل هذا اليوم على الخلائق بما فيه من الشدائد والأهوال ، أو ثقل تحصيل العلم بوقتها المعين عليهم أي أشكل واستبهم حتى صار ثقيلا على الأفهام (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) إلا فجأة على حين غفلة منكم. وهذه الجمل مؤكدات ومبينات لما تقدمها ولهذا فقد العاطف. عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه» (١) وروى الحسن عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «والذي نفس محمد بيده لتقومن الساعة وإن الرجل ليرفع اللقمة إلى فيه حتى تحول الساعة بينه وبين
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الرقاق باب ٤٠. مسلم في كتاب الفتن حديث ١١٦. أحمد في مسنده (٢ / ١٦٦) ، (٣ / ٤٢١).