الذميمة النفسانية والحيوانية بلا داعية لخروج إلى الأنوار الروحانية (لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) وهي متابعة الأنبياء (فَثَبَّطَهُمْ) حبسهم في سجن البشرية (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) فيه إشارة إلى أن قعود أهل الطبيعة في حبس البشرية صلاح لأرباب القلوب وأصحاب السلوك لأنهم لو خرجوا لا عن نية صادقة وعزيمة صالحة ما زادوهم إلا تشويشا وتفرقة لأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم. (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ) يعني أن صفات النفس قبل البلوغ كانت تستخدم الروح في شهواتها (حَتَّى جاءَ الْحَقُ) وهو العقل القابل لأوامر الشرع (وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ) وهو التكليف (وَمِنْهُمْ) أي من صفات النفس (مَنْ يَقُولُ) وهو الهوى (ائْذَنْ لِي) في القعود عن الارتقاء في مدارج المعارف والمشارع (وَلا تَفْتِنِّي) يا روح بتكليفي ما ليس من شأني. وذلك أن الهوى مركب المحبة تستعمله الروح في تصاعده إلى ذروة الكمال والوصال. (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) أي إن فتنة الهبوط هي الفتنة بالحقيقة (وَإِنَّ جَهَنَّمَ) البعد والقطيعة من لوازم كفار النفس وصفاتها أعاذنا الله منها.
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥) وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ (٥٩))
القراآت : (هَلْ تَرَبَّصُونَ) بإظهار اللام وتشديد التاء : البزي وابن فليح ، وقرأه حمزة وعلي وهشام مدغما حتى لا يجتمع ساكنان. الباقون : بإظهار اللام وتخفيف التاء (أَنْ تُقْبَلَ) بالياء التحتانية : حمزة وعلي وخلف. الباقون : بالفوقانية. (مُدَّخَلاً) بضم الميم