(تَجْهَلُونَ) ه (يَعْمَلُونَ) ه (الْعالَمِينَ) ه (سُوءَ الْعَذابِ) ج لاحتمال كون ما بعده مستأنفا أو حالا (نِساءَكُمْ) ط (عَظِيمٌ) ه والله أعلم.
التفسير : ثم أن فرعون بعد وقوع هذه الواقعة لم يتعرض لموسى ولا أخذه ولا حبسه لأنه كان كلما يرى موسى يخافه أشدّ الخوف إلا أن قومه لم يعرفوا ذلك فحملوه على أخذه وحبسه فقالوا (أَتَذَرُ مُوسى) أتتركه (وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) أي يغيروا على الناس دينهم الذي كانوا عليه فيتوسلوا بذلك إلى أخذ الملك. وقوله (وَيَذَرَكَ) عطف على (لِيُفْسِدُوا) ، وقوله (وَآلِهَتَكَ) مفعول معه. والمراد أنه إذا تركهم ولم يمنعهم كان ذلك مؤديا إلى تركه مع آلهته فقط ، ويحتمل أن يكون منصوبا على أنه جواب الاستفهام والمعنى : أيكون منك أن تذر موسى ويكون من موسى أن يذرك وآلهتك. قال كثير من المفسرين : إن فرعون كان قد وضع لقومه أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها وسمى نفسه الرب الأعلى. وقال الحسن : كان فرعون يعبد الأصنام ووجه بأنه لعله كان اتخذ أصناما على صور الكواكب على أن الكواكب مدبرات العالم السفلي. وأما المجدي في هذا العالم للخلق والمربي لهم فهو نفسه ولذلك قال أنا ربكم الأعلى أي أنا مربيكم والمنعم عليكم والمطعم لكم ، وكل ذلك بناء على أنه كان دهريا ينكر وجود الصانع. ثم إن فرعون أوهم قومه أنه إنما لم يحبسه ولم يمنعه لعدم التفاته إليه لا للخوف منه فقال (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) فكأنه قال : إن موسى إنما يمكنه الإفساد بواسطة الرهط والشيعة فنحن نسعى في تقليل رهطه وشيعته (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) أي سنعيد عليهم ما كنا محناهم به قبل من قتل الأبناء ليعلموا أما على ما كنا عليه من الغلبة ، ولئلا يتوهم العامة أنه المولود الموعود من قبل الكهنة ولكنه منتظر بعده (قالَ مُوسى) لما وصله ما جرى بين فرعون وملته (لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) ولا ريب أن الصبر نتيجة الاستعانة بالله فإن من علم أنه لا مدبر للعالم إلا الله تعالى انشرح قلبه بنور المعرفة وعلم أن الكل بقضاء الله وقدره فيسهل عليه ما يصل إليه ، ثم لما أمرهم بشيئين بشرهم بآخرين فقال (إِنَّ الْأَرْضَ) يعني أرض مصر أو جنس الأرض فيتناول مصر بالتبعية (لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ويعني بالتوريث جعل الشيء للخلف بعد السلف (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) والخاتمة الحميدة لمن هو بصدد التقوى منكم ومن القبط. وهذا من كلام المنصف وإلا فمعلوم أن القبط لا تقوى لهم ، أو المراد أن كل من اتقى الله تعالى وخافه فالله الغني الكريم يعينه في الدنيا والآخرة. ثم إنهم خافوا وفزعوا من تهديد فرعون فشكوا إلى موسى مستعجلين النصر و (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) يعنون قتل أبنائهم