ولكن ثياب الآلهة أبهى من ثياب الأمراء ، ويصدر عنها بريق يخطف الأبصار ،
وللآلهة أسر وأسلحة ، وصراعها كصراع الناس ، ولكنه بالطبع على نطاق أعظم وأهول ،
ومع ذلك فقد ميّز القوم آلهتهم عن البشر بالخلود ، وبأنهم كانوا خيرين دائما ، ولم
يكن الشر من عملهم ، بل من أرواح خبيثة تفوق البشر ، ولكنها دون الآلهة.
وكان الثالون
الأعظم بين معبودات بلاد النهرين يتكون من : آنو وإنليل وإيا.
(١) آنو : ـ اعتبر القوم منذ أقدم العصور معبودهم «آنو» (وأصله من
السومرية آن) بمثابة الإله الأعظم ، وكان دائما يتصدر قوائم الآلهة ، ويلقب خاصة
بملك السماوات ، إلى جانب لقبيه إله السماوات وأبي السماوات ، وعرشه في قمة قبة
السماء ، وله السلطة العليا ، يخضع له آلهة السماء وآلهة الأرض معا ، وهو الذي
يخوّل لملوك الأرض السلطة التي يحكمون بها ، ونظيره «زيوس» لدى اليونان ، وامرأته
هي الإلهة «أنتم» ، واسمها مأخوذ من اسمه ، بزيادة تاء التأنيث.
وكانت مدينة «أوروك»
(وهي أونوك في السومرية ، وإرك في التوراة ، والوركاء في الوقت الحاضر) هي المركز
الرئيسي في العصور القديمة لعبادتهما ، وعند ما انتقل مركز الثقل السياسي من سومر
إلى بابل ، أصبح «مردوك» إله بابل ، سيد الآلهة ، وبالتالي فقد حل محل «آنو» ، ومع
ذلك فقد أطلق الملك البابلي الشهير «حمورابي» (١٧٢٨ ـ ١٦٨٦ ق. م) على «آنو» لقب
الإله العظيم في استهلال قانونه.
هذا وتشير
أساطير القوم إلى أن «آنو» إنما كان يسكن قمة قبة السماء (سماء آنو) ، وكان يحرس
بوابته معبودان هما : تموز وجيزيدا ، وكان يوضع أمامه : الصولج والعصا والتاج وعصا
القيادة ، قبل نشوء الملكية على وجه الأرض ، وحين كان الآلهة في خوف من الطوفان
هربوا وصعدوا إلى سماء