وهذه الدراسة تعطينا أنّ السبق إلى
الفضيلة من مفاخر صفات الصالحين وسجايا المتّقين ، المحبوبة عند ربّ العالمين ، والشرع المبين ، ومن موجبات عظيم الأجر والثواب في يوم الدِّين ..
كلّ هذا مضافاً إلى نتائجه الحسنة في
نفس هذه الحياة الدُّنيا ، فإنّ السبق إلى الفضائل من صنائع المعروف التي تدفع مصارع السوء ، وتحفظ الإنسان من البلايا العظيمة كما هو المجرّب المحسوس في قضايا المحسنين .
من ذلك ما حدّث بعض السادة الأجلّاء
الثقات ما مضمونه : ـ
أنّه كان في بعض البلاد المقدّسة شخصٌ
مؤمنٌ صالح ، وكان رجلاً تاجراً متمكِّناً ثريّاً ، يحبّ الخير ، ويصنع الخير لمن يعرفه ومَن لا يعرفه ، خصوصاً الزائرين .
رأى في بعض الأيّام أحد زوّار ذلك البلد
المقدّس لم يحصّل على فندقٍ أو محلّ مسكنٍ يسكنه في مدّة زيارتهم هو وعائلته .
وكانت تلك الزيارة أوّل زيارتهم لذلك
البلد المقدّس الذي لم يعرف فيه أحداً ولم يتعرّف على أحد .
وكانوا قد جلسوا علىٰ رصيفٍ في
الطريق ينتظرون الحصول على غرفةٍ فارغة .
فصادفهم هذا التاجر المؤمن ، وسألهم : لماذا
أنتم جالسون هنا ؟
قالوا : ننتظر الحصول على مكانٍ نستأجره
ونسكنه .
فقال لهم : ـ لي بيتٌ واسع ، ومكانٌ
مناسب ، ودارٌ مفروشة مع وجبات الطعام .
ففرحوا وأجابوا بالقبول ، بعنوان أن
يسكنوا في بيته ، ثمّ يعطون له الاُجرة التي تدفع إلى الفنادق للسكن والطعام ، ظنّاً منهم أنّ بيته معدّ لإيجار الزائرين
.
فذهب بهم ذلك التاجر إلى بيته ، وأكرمهم
غاية الإكرام ، وبقوا عنده عشرة أيّام ، يخدمهم فيها بالإطعام والإكرام ، بغاية الحفاوة والاحترام .
وحينما أرادوا الانصراف والرجوع إلى
وطنهم حضّروا له النقود ، لدفع ثمن