وما نحن بالذاكرين شيئاً منها هنا ، لانا لا نريد ان نتصل بهذه البحوث ، في سطورنا هذه ، الا بمقدار ما تتصل هي بالصميم من موضوعنا.
وعلمنا ان الرشاقة السياسية البارعة التي ربحت الموقف بعد وفاة رسول اللّه (ص) في لحظات ، والتي سماها كبير من اقطابها « بالفلتة » وسماها معاوية « بالابتزاز للحق والمخالفة على الامر (١) » ، كانت بنجاحها الخاطف دليلاً على سبق تصميم في الجماعات التي وليت الحل والعقد هناك. فكان من السهل ان نفهم من هذا التصميم « اتجاهاً خاصاً » نحو العترة من آل محمد (ص) له اثره في حينه ، وله آثاره بعد ذلك.
فكانوا المغلوبين على امرهم ، والمقصيين ـ عن عمد ـ في سائر التطورات البارزة التي شهدها التاريخ يومئذ (٢).
فلا الذي عهد بالخلافة قدمهم. ولا الذي حصر الخليفة في الثلاثة من الستة انصفهم. ولولا رجوع الاختيار الى الشعب نفسه مباشرة ، بعد حادثة الدار ، لما كان للعترة نصيب من هذا الامر على مختلف الادوار.
__________________
١ ـ تجد ذلك صريحاً فيما كتبه معاوية لمحمد بن ابي بكر. قال : « كان ابوك وفاروقه اول من ابتزه ـ يعني علياً عليهالسلام ـ حقه وخالفه على امره. على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم انهما دعواه الى بيعتهما فابطأ عنهما وتلكأ عليهما ، فهما به الهموم وارادوا به العظيم. ثم انه بايع لهما وسلم لهما. واقاما لا يشركانه في امرهما ، ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما اللّه .. ـ ثم اردف قائلاً ـ : فان يك ما نحن فيه صواباً ، فابوك استبد به ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل ابوك من قبل ، ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلمنا اليه ، ولكنا رأينا اباك فعل ذلك به من قبلنا واخذنا بمثله » .. اه المسعودي على هامش ابن الاثير ( ج ٦ ص ٧٨ ـ ٧٩ ).
٢ ـ ونجد في كلمات امير المؤمنين (ع) شواهد كثيرة على ذلك. قال : « فواللّه ما زلت مدفوعاً عن حقي مستأثراً علي منذ قبض اللّه نبيه حتى يوم الناس هذا ». وقال : اللهم اني استعديك على قريش ومن اعانهم ، فانهم قطعوا رحمي وصغروا عظيم منزلتي واجمعوا على منازعتي امراً هو لي ..