« فلما توفي ـ يعني رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تنازعت سلطانه العرب ، فقالت قريش : نحن قبيلته واسرته واولياؤه ، ولا يحل لكم ان تنازعونا سلطان محمد وحقه. فرأت العرب ان القول ما قالت قريش وان الحجة في ذلك لهم على من نازعهم في امر محمد. فأنعمت لهم وسلمت اليهم ، ثم حاججنا (١) نحن قريشاً بمثل ما حاججت به العرب ، فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها. انهم أخذوا هذا الامر دون العرب بالانصاف والاحتجاج ، فلما صرنا اهل بيت محمد واولياءه الى محاجتهم ، وطلب النصف منهم ، باعونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا. فالموعد اللّه وهو الولي النصير.
« ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا ، وسلطان بيتنا. واذ كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الاسلام ، أمسكنا عن منازعتهم ، مخافة على الدين ان يجد المنافقون والاحزاب في ذلك مغمزاً يثلمون به ، أو يكون لهم بذلك سبب الى ما أرادوا من افساده.
« فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الاسلام محمود ، وانت ابن حزب من الاحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، ولكتابه. والله حسيبك فسترد عليه وتعلم لمن عقبى الدار!! » (٢).
وهكذا نجد الحسن عليهالسلام ، يعطف ـ بالفاء ـ عجبه من توثب معاوية على تعجبه لتوثب الاولين عليهم في حقهم وسلطان بيتهم. ومن هنا تنبثق مناسبة اتصال قضيته بقضايا الخلائف السابقين ، وتنبثق معها مناسبات اخرى. بعضها للاخوين. وبعضها للابوين. وبعضها للحق العام.
__________________
١ ـ وكان من افظع النكايات بقضية اهل البيت : ، ان تختفي كل هاتيك المحاججات في التاريخ. ثم لا نقف منها الا على النتف الشاردة التي اغفلتها الرقابة العدوة عن غير قصد .. وهنا الذكر قول الشاعر المجدد الحاج عبد الحسين الازري :
اقرأ بعصرك ما
الاهواء تكتبه |
|
ينبئك عما جرى في
سالف الحقب |
٢ ـ ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٢ ).