اليمانية في الكوفة ـ. فعهد الى هؤلاء الثلاثة بالقيادة مرتبين.
وكان عبيد اللّه بن عباس احد اولئك المرتجزين للحرب ، المستهترين بالحياة ، تحفزه الغيرة الدينية ، وتلهبه العنعنات القبلية ، فاذا هو الفولاذ المصهور في تعصّبه للعرش الهاشمي ، وهل هو الا احد سراة الهاشميين ، وقديماً قيل : « ليست الثكلى كالمستأجرة ». وهو في سوابقه امير الحج سنة ٣٦ ( على رواية الاصابة ) أو سنة ٣٩ ( على رواية الطبري ) أو هو امير الحج في السنتين معاً ، وهو والي البحرين ، وعامل اليمن (١) وتوابعها على عهد امير المؤمنين عليهالسلام ، والجواد المطعام الذي شهد له الحجيج في مكة ، ثم هو أسبق الناس دعوة الى بيعة الحسن يوم بايعه الناس.
فكان ـ على ذلك ـ حرياً بهذه الثقة الغالية التي وضعها فيه ابن عمه الامام عليهالسلام (٢).
____________
١ ـ وحاول بعضهم الارتياب في سوابق عبيد اللّه هذا ، بحادثة خروجه من اليمن. ومن الحق ان نعترف بضعف حامية اليمن ـ يومئذ ـ عن الصمود لحملة بسر بن ارطأة ، وكان من انشقاق بعض اليمانيين على الحكم الهاشمي ومكاتبتهم معاوية واخراجهم اميرهم ( سعيد بن نمران ) من الجند ومواقفتهم عاملهم ( عبيد اللّه ) ما يشهد لعبيد اللّه بالبراءة من موجبات الريب. ولو أن عبيد اللّه كان قد حاول مواقفة بسر لكان له من عثمانية اليمن من يكفي بسراً أمره ، على ان الرجل لم يفعل بخروجه من اليمن أكثر مما فعله نظراؤه في مكة والمدينة ، حيث فر عاملاها من وجه بسر ، وأغار عامل معاوية على العواصم الثلاث فقتل فيهن زهاء ثلاثين الفاً من الآمنين. وعلمنا ان عبيد اللّه قصد في خروجه من اليمن الى الكوفة ، ولو كان مريباً لما قصد الكوفة وعلمنا ان سعيد بن نمران اعتذر لامير المؤمنين عليهالسلام بقوله : « اني دعوت الناس ـ يعني اهل اليمن ـ للحرب وأجابني منهم عصابة فقاتلت قتالاً ضعيفاً وتفرق الناس عني وانصرفت ». اقول : افلا تكون تجربة ابن نمران تصحيحاً لمعذرة ابن عباس ، فالرجل ـ في سوابقه ـ لا غمز فيه ، ولا غرو اذا رضيه الحسن ثقة بسوابقه.
٢ ـ يراجع عما ذكرناه من القيادة والحركات السوقية ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٤ ) والارشاد ( ص ١٦٨ ـ ١٦٩ ) واليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩١ ).
وانفرد اليعقوبي عنهما بعدم ذكر القائد الثالث من قواد المقدمة ، ثم قال : « وأمر الحسن عبيد اللّه بان يعمل بامر قيس بن سعد ورأيه ، فسار