وكان موسى عليه السلام أبعدهم قليلا إلى المشرق ، وأمر أن يبعدوا هنالك ، فلما أكلوا وشربوا ألقى الله تعالى على القبطيين رجالا ونساء السبات حتى منعهم من كل شئ.
ثم سار موسى عليه السلام بجميع بني إسرائيل من أول الليل ، وكان عددهم ستمائة ألف وأربععين ألفا ونيفا.
وأخرجوا تابوت يوسف عليه السلام من النيل وحملوه معهم ، دلتهم على موضعه عجوز مؤمنة من القبط ، ومضت معهم.
فسار ببني إسرائيل إلى ناحية بحر القلزم ليخفي آثارهم ، فلما كان من آخر الليل عرف فرعون بخروجهم ، وما فعلوه بنساء القبط من إعارة حليهن إلى الاسرائيليات ودعائهن به ، فجلس لوقته ونادى في الناس ، فلما اجتمعوا أمرهم أن يتأهبوا للركوب في آثارهم وأجلهم ثلاثة أيام.
وخاطب كل من قرب منهم وبعد من جيوشه وحشوده أن لا يتأخروا عن لحاقه طرفة عين ، فلما أصبح في اليوم الرابع ركب الناس ، وركب معهم يتقدمهم واتبعوا آثار بني إسرائيل ، ولم يبق أحد من اولاد الملوك ولا من أتباعهم ولا من فيه فضل إلا سار معه ، فيقال إنه كمل عددهم ، وزاد على موسى عليه السلام ستة آلاف ألف.
فلم يمر موسى عليه السلام بعلم من أعلامهم إلا سقط ، ولا بصنم إلا سقط لوجهه ، وساروا مقربين حتى لحقوهم على ساحل البحر.
فلما أحس موسى عليه السلام بهم ، قال لاخيه هارون تقدم إلى البحر وكنه بأبي العماس ، ومره أن يكف عنا موجه ، ويسكن عنا حركته ، حتى أصل أنا ومن معي.
فمضى هارون لذلك ، وركب موسى عليه السلام ، فلما وقف موسى على البحر ضربه بعصاه ، فانشق لوجهه ، وظهرت فيه اثنتي عشرة طريقة ، فدخل كل سبط على طريق ، وجعل بينهم طاقات رقيقة من الماء ليرى بعضهم بعضا ، فدخل القوم ، ودخل موسى عليه السلام في آخرهم.