وظهر في وقته معدن فضة على ثلاثة أميال من النيل ، فأثار منه شيئا عظيما ، وعمل منه صنما على اسم القمر ، لان طالعه كان على السرطان ، ونصبه على قصر الرخام الذي كان ابوه بناه في شرقي النيل.
ونصب حوله أصناما كلها من فضة وألبسها الحرير الاحمر ، وعمل للصنم عيدا في كل شهر ، وهو إذا دخل القمر بالسرطان.
وكان ينتقل إلى مواضع شتى يتنزه ، وكلما أراد أن يضر الناس منعه يوسف عليه السلام من ذلك ودفعه عن رأيه بأي وجه أمكنه ، إلى ان مات يوسف عليه السلام وله مائة وثلاث وعشرون سنة ، فأمر به داروم فكفن في ثياب الملوك ، وجعل في تابوت رخام ، ودفن في الجانب الغربي من النيل وخصب ، ونقص الجانب الشرقي.
فاخرج تابوته من الجانب الغربي ونقل إلى الجانب الشرقي فدفن فيه ونقص الجانب الغربي.
فاتفق رأيهم أن يجعلوه في الجانب الغربي سنة وفي الشرقي سنة ، ثم حدث لهم من الرأي أن شدوا حول التابوت حلقا من نحاس وثاقا ثم ربطوه بحبال وشدوه شدا وثيقا محكما ولووه لويا وثيقا ثم دلوه في وسط النيل ، وتركوه هناك فأخصب الجانبان جميعا وقيل إن داروم استوزره بعد بلاطس (١) الكاهن ، فكان بلاطس يطلق له ما كان يوسف عليه السلام منعه عنه ، وعمله على أذى الناس وأخذ اموالهم ، فبلغ بهم من ذلك مبلغا كبيرا.
فكان لا يسمع بامرأة حسناء إلا وجه إليها فحملت إليه. وفشا ذلك في المملكة واضطرب الناس من فعله.
فخاف بلاطس ان يفسد أمن المملكة ، ويتلف الملك من فعله ، فدخل إليه وأشار عليه أن يتودد إلى الناس ، ويعتذر منهم ويرد نساءهم ، فأمره
__________________
(١) الصواب : استوزر بعده بلاطس.
أخبار الزمان ـ م (١٨)