وتجبر نهراوس فبنى في الجانب الغربي قصورا من رخام ، ونصب عليها أعلاما فكان يغشاها أبدا ، ويقيم فيها اياما كثيرة ، وكان الخراج في وقته تسعة وتسعين ألف ألف ، فأمر بالزيادة في طلب العمارات ، وطلب وجوه الزيادة فيها من احسن الطرقات لا من رديئها.
وأمر باصلاح الجسور في الجهات ، والتحمل في أن يزيد الماء في انبساطه في الارض ، ففعل ذلك كله حتى وافى الخراج مراده وزاد عليه.
وقالت القبط : إن في مدته دخل البلد غلام من الشام له أخوة يحسدونه ، فاحتالوا عليه حتى بيع من تجار يقصدون مصر ، وكانت قوافل الشام تعرس بمصر بناحية الموقف اليوم ، فأوقف الغلام للبيع ونودي عليه ، وهو يوسف الصديق عليه السلام ، فبلغ وزنه ذهبا ووزنه فضة ، فاشتراه العزيز ليهديه للملك ، فلما أتى به إلى منزله رأته زليخا امرأته ، وكانت ابنة عمه فقالت له اتركه عندنا نربيه ففعل ، وكان من أمره معها وعشقها له ما قصه الله تعالى في كتابه ، وكانت تكتم حبها عنه ، حتى غلبها الامر ، فتزينت له وجاءته فعرفته عشقها له ، وأنها مطاوعة له في كل ما يريده منها ، وأنها لابد لها منه ، وحبته بمال عظيم ، فامتنع عليها ، ولم يجد عنها مهربا ، فرامت تقبيله فأبى عليها ، فهجمت عليه ولم تزل تعاركه وهو يمتنع إلى أن دخل زوجها فوجده هاربا عنها وكان عنينا لا يأتي النساء ، فقال لهما ما هذا فجعل يوسف عليه السلام يعتذر إليه ، وقالت هي كنت نائمة فأتاني يراودني عن نفسي ، ففطن أن الامر كان منها.
فقال ليوسف عليه السلام أعرض عن هذا أي عن اعتذارك ، وقال لزليخا استغفري لذنبك ، فانك قد أخطأت.
واتصل خبر الغلام وجماله بالملك ، وأن العزيز ابتاعه له ، فلما لم يره سأله عنه انكر المعين أمره وغير له خبره ، وغلظ فيه عليه ، وثقف الغلام عنده في القصر ومنعه الخروج فنسي خبره.