مصر وإيذاء أهلها؟
فقالت لهم نعم ، فقالوا أنت أقدر منا ، فاعملي فيها ما رأيتيه.
فعملت لهم أدوية سحرت فيها النيل
ودفعتها إلى بعضهم ، وأمرتهم أن يمضوا بها إلى مصر ، والزرع في حقله على أن تؤخذ
فيطرحون منها في النيل في أعلى مصر ، ويغرق بعضهم على أقطار مصر ، وحيث زروعهم
الكثيرة ، فيفرقونها في كل جهة ، قليل غبار في كل جهة.
فلما فعلوا ذلك فاض النيل في غير وقته
وزاد على المعهود ، وأقام الماء طويلا على مزارعهم ، وأفسد زروعهم وغلاتهم ، وكثر
فيه التماسيح والضفادع وكثرت العلل في الناس وانبثت فيهم الثعابين والعقارب.
فأحضر الملك الكهنة والحكماء ، وقال لهم
أخبروني عن هذه الحوادث التي حدثت في بلادنا ، ولم تذكروه في الطالع الذي وضعتموه
لهذه السنة ، فكنا نتأهب لها.
فاجتمعوا في دار الكهنة ، ونظروا وبحثوا
حتى علموا أنهم أوتوا من قبل ناحية المغرب ، وأن امرأة عملته وألقته في النيل ، وفرقته
على الجهات.
فعلم الملك أنه من قبل تلك الساحرة ، فقال
لهم أجهدوا أنفسكم في هلاكها فقد بلغت فيكم من أذائها.
فاجتمعوا إلى الهيكل الذي فيه صور
الكواكب وسألوه أن يحضر معهم فلم يمكنه الخلاف ، فلما أمسى لبس مسحا ، وفرش رمادا
، واستقبل مصلاه ، وأقبل على الدعاء والابتهال والتضرع إلى الله تعالى ، وقال : يا
رب أنت إله الآلهة وملك الملوك ، وخالق الكل ، ولا يكون شئ مما دق وجل إلا بأمرك
وحولك ، أسألك بجميع فضائلك وآياتك وأسمائك أن تكفينا أمر هؤلاء القوم.