فقتل كل من كان صحب النمرود وجد في طلب ومحاربته حتى ظفر به وسيق إليه أسيرا واجتمع الناس لينظروا إليه فشدت رأسه برأس اسطوانة قائمة وشدت رجله (١) باسطوانة اخرى ، وكان طوله فيما تذكره القبط عشرين ذراعا واودعته بيتا ووكلت به رجالا من حرسها لتقتله يوم عيدها وكان قويا فصاح في الليل صيحة مات منها بعض الحرس وهرب الباقون ، فلما بلغها ذلك أمرت بانزاله واحضرته وامرت بنار توقد فأوقدت وجعلت تأمر فيقطع منه عضو بعد عضو فيلقى في النار حتى فرغ منه.
وكبر ابنها فخرج كاهنا منجما ساحرا ، فعملت له الشياطين قبة من زجاج كرية (٢) مدبرة دائرة على دوران الفلك وصوروا عليها صور الكواكب ، وكانوا يعرفون بها أسرار الطبائع ، وعلوم العالم بطلوعها وأفولها.
وبعد ستين سنة من ملكه ماتت أمه الساحرة ، وأوصت أن يجعل جسدها تحت صنم القمر بعد أن يطلى بما يدفع عنه النتن ، وكانت وهي ميتة تخبرهم بالعجائب وتجاوبهم على كل ما يسألون ، فهاب الناس لابنها وفزعوا له ، وكان يتصور لهم في صور كثيرة وملكهم مائة سنة ، ولما حضرته الوفاة أمر أن يعمل له شكل صنم من زجاج ، يكون شفيفا (٣) ويطلى جسده بالادوية الممسكة له ، ويدخل في تلك الصورة التي من الزجاج ، ويلحد ما بين الشفتين وينام في هيكل الاصنام ويعمل له في كل سنة عيد تقرب فيه القرابين ، وتدفن تحته كنوزه ، ففعل ذلك كما أمر.
وملك بعد ، ابنه سرباق (٤) الملك فعمل بسيرة ابيه وجدته ، واجتمع
__________________
(١) في ق : رجليه.
(٢) في ب : كورية.
(٣) في ق : من زجاج على شقين فلعل الصواب اذن : شقيا.
(٤) في ق : شرياق.