وكانت مصر خمسا وثمانون كورة منها بأسفل الارض خمس وأربعون ، ومنها بالصعيد أربعون وكان في كل كورة رئيس من الكهنة ، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قصة فرعون لما أشار عليه أصحابه ، وقالوا (ابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم) يريد هؤلاء الرؤساء.
وكان الذي يتعبد منهم لكوكب من الكواكب السبعة المدبرة سبع سنين يسمونه ماهرا ، والذي يتعبد منهم للكواكب السبعة لكل واحد منهم سبع سنين ، فمن بلغ هذه المرتبة منهم سمي قاطرا (١) وصار يجلس مع الملك ويصدر الملك عن رأيه ، وإذا رآه قام إجلالا له ، وكان زيهم أن يدخل كل يوم إلى الملك فيجلس إلى جانبه فتدخل الكهنة ، ومعهم أصحاب الصناعات فيقفون حذاء القاطر ، وكل واحد من الكهنة منفرد بكوكب يخدمه لا يتعداه إلى سواه ، ويسمى بعبد كوكب كذا ، كما كانت العرب تسمي عبد الشمس ، فيقول القاطر لاحد الماهرين أين صاحبك؟ فيقول في البرج الفلاني في الدرجة الفلانية في دقيقة كذا ، ويسأل الآخر في حذائه ، حتى إذا عرف مستقر الكواكب ، قال للملك ينبغي أن يعمل الملك اليوم كذا وكذا ، ويأكل كذا وكذا ، ويجامع في وقت كذا ، ويقول له جميع ما يراه صلاحا ، والكاتب قائم بين يديه يكتب جميع ما يقول.
ثم يلتفت إلى أهل الصناعات [فيقول أنقش أنت صورة كذا على حجر كذا فمتى رسم على أهل الصناعات] (٢) فيخرجون إلى دار الحكمة ، فيضعون أيديهم في الاعمال التي يصلح عملها في ذلك اليوم :
ويستعمل الملك جميع ما قاله القاطر ، ويؤرخ جميع ما جرى من هذا
__________________
(١) في ب : ناظر ، وقد رسم هكذا في كل موضع جاء فيه ، والصواب ما ذكرناه.
(٢) الزيادة عن ت.