فجعلوه في خرز (١) مزادة ، وعلقوه في جلد في عنق كلب لهم اسمه سوار ، وكانت في عنقه قلادة لا تفارقه.
فأتوا سطيحا فلما دخلوا عليه قالوا إنا أتيناك سائلين ، قال فماذا تسألون؟ قالوا نسأل عن شئ قد خبأناه ، ونحتكم عندك في شئ وقع التخاصم بيننا فيه ، فقال خبأتم رأس جرادة في خرز مزادة في عنق سوار ذي القلادة ، قالوا صدقت فأخبرنا عما اختصمنا فيه اليك ، قال احلف بالضوء والظلم ، والبيت ذي الحرم ، أن الدفين ذا الهدم ، لهذا العربي ذي الكرم ، فانصرفوا وقد قضى لعبد المطلب.
ومن أخباره أن كسرى ابرويز (٢) لما رأى في نومه كأنه سقط من قصره ست عشرة (٣) شرفة ارتاع لذلك ، فوجه إلى الموبذان فعرفه بذلك ، وقال إن ذلك قد هالني وأفزعني.
قال الموبذان : أيها الملك عسى أن يكون خيرا ، وإني أيها الملك كنت أرى البارحة ان النيران قد خمدت ، وقلعت بيوتها وهلك سدنتها وقد اغمني ذلك ، وكنت عزمت على أن لا أخبر الملك حتى يوجه إلي فأتيته (٤).
قال كسرى فما الداعي؟ قال الموبذان قد بلغني ان بأرض العرب كاهنا يقال له سطيح ، يخبر بما يكون قبل كونه ، فلو أرسل إليه الملك رسولا يسأله عن ذلك ، فلعله أن يخبره بالجواب فيه.
قال كسرى ومن لنا بحصيف ينفذ في ذلك؟ وكان على باب الملك فيمن وفد عليه من العرب رجل ، يقال له عبدالمسيح من رهط سطيح ، فأشار به الموبذان على كسرى ، فأحضره ولم يخبره بما رآه ، وقال انطلق إلى سطيح ، فاسأله عن رؤيا رأيتها ، فإذا اخبرك بها ، فاسأله أن يخبرك بتأويلها ،
__________________
(١) في ت : جلد.
(٢) في ب : اجرويز وهو خطأ.
(٣) في ب : ستة عشر.
(٤) لعل الصواب فأنبئه.