كما هو ظاهر من الأخبار ، بل الآية أيضا ، مثل (وَلا تَرْكَنُوا) الآية (١) ، فإنّ الركون أدنى ميل من القلب ، بل جعلوا عليهمالسلام مجرّد محبّة بقاء الظالم ساعة أو دقيقة ركونا إليه ، فحرّموه ونهوا عنه ، بل ورد منهم : «أنّ من رأى منكرا فلم ينكر وهو يقدر عليه فقد أحبّ أن يعصى الله ، ومن أحبّ أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة ، ومن أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصى الله ، إنّ الله حمد نفسه على إهلاك الظالمين حيث قال (فَقُطِعَ دابِرُ) (٢)». إلى آخر الآية (٣).
وأين أمثال ما عرفت؟ وستعرف ممّا ورد من أنّ الزكاة رأفة ورحمة وعطوفة ومعونة (٤).
مع أنّ النهي عن المنكر وجوبه ، بل شدّة وجوبه في غاية البداهة ، فوجب النهي والمنع على حسب المقدور لهذا الخبر ، وغيره من الأخبار ، بعد الآية والإجماع.
فإذا رأى من الفقير منكرا يجب عليه ردعه ، فإن لم يرتدع فإنكاره بالقلب ، والتنفّر منه لا أقلّ قطعا ، لما ذكر ، وللإجماع ، لا إعانته ومودّته ورأفته وعطوفته.
مع أنّ الغالب من الفقراء إذا رأوا أنّ المعطين للزكاة لا يعطونها إيّاهم لفسقه ، ويرون أنفسهم محتاجين إليها ، لا جرم يرفعون اليد ويرتدعون ، فيجب عدم الإعطاء حتّى يرتدعوا جزما.
على أنّه لو فرض وجود لجوج معاند لله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام يلحّ ويكابر ، ويفعل الفسق أيضا في صورة عدم إعطائهم الزكاة ، فمع وجود هذه المعاندة
__________________
(١) هود (١١) : ١١٣.
(٢) الأنعام (٦) : ٤٥.
(٣) معاني الأخبار : ٢٥٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١٦ / ٢٥٨ الحديث ٢١٥٠٦ مع اختلاف يسير.
(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ١٢ الحديث ١١٣٩٣.