وحجّة المفصّلين أنّ المالك أمين على الزكاة ، فعليه الاجتهاد والاستظهار في دفعها إلى مستحقّها ، فبدونه يجب الإعادة.
وما رواه الكليني والشيخ في كالصحيح بإبراهيم ، عن عبيد بن زرارة ، عن الصادق عليهالسلام يقول : «ما من رجل». إلى أن قال : فإنّه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل ، وقد كان طلب واجتهد ثمّ علم بعد سوء ما صنع؟ قال : «ليس عليه أن يؤدّيها مرّة اخرى».
وقبل هذا سأل هكذا : رجل عارف أدّى الزكاة إلى غير أهلها ، عليه أن يؤدّيها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : «نعم» (١).
وفي «التهذيب» و «الكافي» بعد نقل هذه الرواية ، وعن زرارة مثله ، غير أنّه قال : «إن اجتهد [فقد] برئ ، وإن قصّر في الاجتهاد [في الطلب] فلا» (٢).
ويرد على الأوّلين أنّ تحقّق الامتثال قبل ظهور الخلاف ، إنّما كان لظهور الآخذ مستحقّا ، إذ لولاه لم يتحقّق الامتثال قطعا ، لاشتغال الذمّة بإعطائها الفقير بالآية والأخبار المتواترة والإجماع.
فإذا تغيّر العلّة تغيّر المعلول ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.
ويصدّق الآن أنّه ما أعطاه الفقير جزما لغة وعرفا ، ولعلّه مخالف للآية ، والمتواتر من الأخبار قطعا ، مضافا إلى ما ثبت من الشرع في حقوق الناس ، ومعلوم كون الزكاة حقّا من حقوق الناس بالإجماع وغيره ممّا عرفت ، وإن كان فيها حقّ الله أيضا ، لأنّ حقّ الناس يغلب على حقّه تعالى فيما ذكر ، فلاحظ المواضع
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٤٦ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١٠٢ الحديث ٢٩٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٤ الحديث ١١٨٦٥ مع اختلاف يسير.
(٢) الكافي : ٣ / ٥٤٦ ذيل الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١٠٣ الحديث ٢٩١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٤ الحديث ١١٨٦٦.