وسبّحه وهلّله وقدّسه ، فذاك عمك عيسى فقم اليه فسلّم عليه. قال محمد بن محمد بن زيد : فذهبت الى الكوفة فلما وصلتها جلست حيث أمرني أبي فلم ألبث أن جاء الرجل الذي وصفه لي أبي وبين يديه جمل عليه راوية فقمت اليه وأكببت على يديه أقبلهما فذعر مني فقلت : أنا محمد بن زيد. فسكن ثم أناخ جمله وجلس الى فيء في ظلّ حائط هناك وحدّثني ساعة ، وسألني عن أهلي وأصحابه ثم ودّعني وقال لي : يا بني لا تعد إلي بعد هذا فاني أخشى الشهرة.
قال الشيخ تاج الدين : وكان عيسى بن زيد قد تزوّج امرأة بالكوفة أيام اختفائه لا تعرفه ؛ وولد منها بنتا وكبرت البنت وكان عيسى يستقي الماء على جمل لبعض السقائين ولذلك السقا ابن قد شب فأجمع رأي ذلك الرجل ورأى زوجته أن يزوّجا ابنهما من ابنة عيسى بن زياد لما رأيا من صلاحه وعبادته وهما لا يعرفانه وذكرا ذلك لامرأته فطار عقلها فرحا وظنّت انها قد حصل لها ما لم تكن ترجوه فذكرت ذلك لعيسى بن زيد فتحيّر في أمره ولم يدر ما يصنع فدعا الله تعالى على ابنته تلك فماتت وتخلص من الواسطة. ولما ماتت الصبية جزع عيسى عليها جزعا شديدا وبكى فقال له بعض أصحابه الذين يعرفون حاله : والله لو قيل لي من أشجع أهل الأرض لما عدوتك وأنت تبكي على بنت؟ فقال عيسى؟ والله ما أبكي جزعا عليها وإنما أبكي رحمة لها إنها ماتت ولم تعلم أنّها فلذة من كبد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وكان عيسى قد كتم نسبه من امرأته وابنته خوفا من أن يظهرا ذلك فيؤخذ وكان قد حجّ بعض السنين في حال اختفائه وجلس الى سفيان الثوري فسأله عن مسألة ، فقال سفيان : هذه المسألة على السلطان فيها شيء ولا أقدر على الجواب عنها. فقال له بعض أصحاب عيسى إنّه ابن زيد ، فقال سفيان : من يعرف هذا؟ فقام جماعة من أصحاب عيسى الحاضرين فشهدوا على انّه عيسى بن زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام فنهض اليه سفيان وقبّل يديه وأجلسه مكانه وجلس بين يديه