المحض وحامل رايته ، فلما قتل إبراهيم اختفى عيسى (١) الى أن مات ، وكان أبو جعفر المنصور قد بذل له الأمان وأكده. وكان شديد الخوف منه لم يأمن وثوبه عليه ، فقيل لعيسى في ذلك فقال : والله لئن يبيتن ليلة واحدة خائفا مني أحبّ اليّ مما طلعت عليه الشمس ، وانما سمّي موتم الأشبال لأنّه قتل أسدا (٢) له أشبال فسمّي موتم أشبال ؛ فخرج عيسى مع محمد بن عبد الله النفس الزكية ثم مع أخيه إبراهيم ، وكان ابراهيم قد جعل له الأمر بعده ، وكان حامل رايته فلما قتل إبراهيم استتر ولم يتم له الخروج فبقي مستترا أيام المنصور وأيام المهدي وأيام الهادي وصلّى عليه الحسن بن صالح سرّا ودفنه.
وكان عيسى في بعض أوقات اختفائه يستقي الماء على جمل فحكى لي الشيخ النقيب تاج الدين باسناده عن محمد بن محمد بن زيد الشهيد ؛ قال : محمد بن محمد قلت لأبي محمد بن زيد : أريد أن أرى عمي عيسى. فقال : اذهب الى الكوفة فإذا وصلتها اذهب الى الشارع الفلاني واجلس هناك ، فانه سيمر بك رجل آدم طويل له سجادة بين عينيه ؛ يسوق جملا عليه مزادتان كلما خطا خطوة كبّر الله سبحانه
__________________
(١) كان اختفاؤه في دار الحسن بن صالح بن حي ، وكان الحسن من كبراء الشيعة الزيدية في الكوفة له معرفة في الفقه والكلام وله فيهما المصنفات وتزوج عيسى ابنته ومات الحسن بعد عيسى لستة أشهر وله ثمان وستون سنة وكانت ولادة عيسى في المحرم سنة ١٠٩ ، ومات بالكوفة في دار الحسن ١٩٦ وعمره ستون سنة ، ذكره أبو نصر البخاري في (سر السلسلة العلوية) وكان عيسى أفضل من بقي من أهله دينا وورعا وزهدا مع علم كثير ورواية للحديث وهو مقبول الرواية عند علماء الرجال.
(٢) فانه لما انصرف من وقعة باخمرى ومعه أصحابه خرجت عليهم لبوة ومعها أشبالها وتعرّضت للطريق فقتلها عيسى فقيل له إنّك أيتمت أشبالها. قال : أنا موتم الأشبال. فكان أصحابه بعد ذلك يلقبونه به. م ص