وفي «الذكرى» : يحرم الفعل الكثير الخارج عن الصلاة إذا خرج فاعله به عن كونه مصلّيا ، لسلب اسم الصلاة فلا تبقى حقيقتها (١) ، انتهى.
أقول : الشرع يردّ الناس إلى عرفهم فيما يكون للناس عرف واصطلاح فيه ، لأنّ كلّ متكلّم مع مخاطب إنّما يتكلّم معه بما هو مصطلح عليه بينهما إن لم يعيّن غيره بالقرينة الصارفة عن ذلك المصطلح.
وإن كان اصطلاح المتكلّم غير اصطلاح المخاطب ولم يعرفه المخاطب فلا شبهة في أن تكلّمه معه إنّما هو باصطلاح ذلك المخاطب ، لئلّا يتحقّق الإغراء بالجهل والتكليف بما لا يطاق.
فإذا لم يكن للمخاطب اصطلاح أصلا ، كما هو الحال في العبادات كيف يكون لهم اصطلاح فيها ، فإنّ أهل العرف لا يعرفون أنّ الصلاة مثلا ما هي ، وكيف هي أصلا ورأسا ، لكونها من مستحدثات الشرع بالبديهة ، لا طريق إلى معرفتها مطلقا بل هي مجهولة عندهم مطلقا فكيف يعرفون أنّ الأمر الفلاني من الصلاة أو لا؟ فإذا عرفوا من الشرع أنّه ليس من الصلاة فمن أين يدرون أنّه مضرّ بالصلاة؟ يبطل لها أم لا؟ فضلا أن يعرفوا أنّ قليلها لا يضرّ وكثيرها يضرّ ، إذ لا طريق لهم إلى معرفة ما يضرّ الصلاة بالمرّة إلّا من جهة الشرع ، لتوقيفيّتها عليه بالبديهة.
فإن قلت : إذا علمنا من الشرع أنّ الأمر الفلاني ليس من الصلاة لا جرم يكون حال اشتغاله به غير مصلّ ، لأنّه آت بغير ما هو من الصلاة.
قلت : فيلزم بمجرّد ارتكاب قليل من القليل بطلان صلاته من غير توقّف على الكثير.
مع أنّ نظرنا إلى غير موضع السجود ـ مثلا ـ ليس من الصلاة قطعا ، ومع
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٤ / ٦ و ٧.