هذه الصلاة ، وإن ظهر كونه بمكانه ، بأن ظهر أنّها الاثنتين وقد أتى بالتشهّد ، أو ثلاثا وقد قام أو بنى على الأكثر بعد القيام ، لأنّ الظهور بعد ما أتى بغير وجه شرعي ، وغير امتثال لأمره تعالى ، ولأنّه تشريع إلى حين ظهور الأمر ، ولأنّ شرط صحّته قصد القربة والإطاعة ، وكان مفقودا ، ولأنّه منهيّ عنه وعن أمثاله في أثناء العبادة التوقيفيّة.
ألا ترى أنّه لو قام أحد عمدا في صلاته في غير موضع قيامه بقصد أنّه من الصلاة ، لم تصحّ صلاته ، بل وبغير هذا القصد أيضا ، بأن قام عبثا بحتا.
وكذا الحال في التشهّد ، إلّا أن يبني على أنّه مجرّد ذكر الله ، وغيره ممّا لا ينافي هيئة الصلاة ، فإنّه إن صدر منه كذلك يقوم بعد البناء على الأكثر ، أو يتشهّد بعده إن ظنّ الاثنين.
ولو صدر سهوا ، فإن كان التشهّد فلا يضرّ ، يقوم إن بنى على الأكثر ، أو غلب ويتشهّد ثانيا ، إن غلب الاثنين.
وإن قام سهوا فغلب الاثنين جلس وتشهّد ، وأتمّ الصلاة وسجد للسهو.
وإن غلب الثلاث أو بنى عليه ، فهل يجب عليه أن يقعد ، ثمّ يقوم بقصد القيام إلى الثلاث المطلوب منه؟ لأنّ قيامه لم يكن إطاعة ، ولا لله تعالى وقربة إليه ، بل محض الغفلة ، أو أنّ قيامه بعد البناء على الأكثر ، أو غلبته بقصده الإطاعة كاف لامتثاله ، فإنّ ما صدر منه غفلة لم يكن إلّا مجرّد النهوض.
وكذا القيام المتّصل به قبل وقوع البناء ، أو ظهور غلبة الثلاث.
والأوّل ليس من أجزاء الصلاة ، لما عرفت من أنّ من شكّ في السجود ، أو التشهّد بعد دخوله في النهوض ، وقبل دخوله في القيام ، يرجع إلى السجود أو التشهّد ، لعدم خروج المصلّي عن محلّ السجود في الاولى والثالثة ، أو عن محلّ التشهّد في الثانية ، وعدم دخوله في غيرهما من أجزاء الصلاة.