الخروج عن عهدة الثاني ، وإن كان بالامتثال للأوّل لم يكن عليه شيء في ترك الثاني أصلا ، لا جرم لا يكون الثاني واجبا عليه أصلا ، وقد ثبت وجوبه.
ولو كان الامتثال الأوّل عين الامتثال الثاني ، لا جرم يكون المكلّف به واحدا شخصيّا ، فلا يكون الواجب واجبين متعدّدين ممتازين.
مع أنّ المكلّف ربّما أراد الامتثال في الأوّل خاصّة ، ولم يرده في الثاني أصلا ، بل بنى على عصيانه فيه وتمرّده وإبائه عنه ، فلا شكّ في أنّه يعدّ في العرف عاصيا من هذه الجهة جزما ، ولا مجال لإنكاره بالبديهة.
وهذا من مرجّحات القول بعدم التداخل مطلقا ، ومضعّفات دليل القائل بالتداخل ، كما لا يخفى على الفطن.
وأمّا قوله عليهالسلام : «من تكلّم في صلاته ساهيا يجب عليه سجدتا السهو» ، ففيه ، أنّ وجوب سجدتي السهو تعلّق بالتكلّم العرفي ، وهو قابل للطول والقصر ، والدفعة والدفعتين ، كما هو الحال في الجماع في الحيض ، فإنّه شامل للإيلاج والإخراج الواحد والمتعدّد ، وكذلك القراءة ناسيا.
وبالجملة ، ابتداء تكلّمه إلى انتهائه حال نسيانه علّة واحدة لسجدة السهو ، فإنّ التكلّم العرفي سهوا من حيث هو هو علّة واحدة في أيّ فرد تحقّق من الطوال والقصار ، لا أنّه تحقّق علل متعدّدة كلّ واحدة منها تقتضي معلولا على حدة وقع التداخل فيها كما هو المفروض.
نعم ، لو تكلّم سهوا ، فتذكّر وشرع في باقي الصلاة ، فتكلّم أيضا سهوا بعد ما شرع فيه ، فيكون هذا داخلا في المفروض ، وكون هذا الفرض داخلا في قولهم عليهمالسلام : «من تكلّم وجب عليه سجدتا السهو» (١) ، محلّ نظر.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٦ الباب ٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.